الخدمات الاعلامية

لبنان يتكئ على الأعمدة الثمانية للانقاذ!… غسان ريفي

يسعى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الى تلافي الأثقال التي تشد حكومته الى الأسفل، ويتطلع الى كل ما من شأنه النهوض بها لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين على إختلاف توجهاتهم والذين يتطلعون الى نجاح المهمات الانقاذية للحكومة لاستعادة بعضا من مقومات العيش الكريم التي فقدوها خلال الفترات السابقة، سواء بفعل السياسات الخاطئة أو نتيجة الفراغ القاتل الذي دمر مؤسسات الدولة.

يعوّل الرئيس ميقاتي كثيرا على الدعم الذي حصل عليه في غلاسكو، وعلى الحماسة الكبيرة التي لمسها من رؤساء دول العالم ومسؤولي الصناديق والجهات المانحة الذين إلتقاهم تجاه لبنان والتي لا شيء يبرر تضييع فرصتها أو ضربها من الداخل، حيث يصاب الرجل بالاحباط المؤقت عندما يجد أن هذا الدعم يتلاشى عند أعتاب المصالح السياسية وتصلب المواقف التي لا تخدم لبنان ولا تساهم في حل أزمة.

رغم ذلك، فإن من يستمع الى الرئيس ميقاتي ويطلع على رؤيته الاستراتيجية للانقاذ، يدرك أن عناد الرجل يقوده الى تجاوز كل العراقيل بهدف تنفيذ خطة وقف الانهيار التي رسمها، والى تجاوز إجتماعات الحكومة المعطلة منذ 12 تشرين الأول الفائت، الى إجتماعات فردية وثنائية وجماعية للوزراء لاعداد الدراسات وعقد الاتفاقات ومتابعة كل القضايا المتعلقة بمعيشة المواطنين والهادفة الى التخفيف من معاناتهم.

بالأمس، قدم الرئيس ميقاتي من المجلس الاقتصادي والاجتماعي رؤية إستراتيجية بانورامية شاملة لخطة وقف الانهيار، وأعطى إنطباعا بأن العمل الحكومي يسير على قدم وساق من خلال خلية نحل وزارية تشهدها السرايا الحكومية للقيام بالواجبات المطلوبة، حيث أكد أن عمل حكومته يرتكز على 8 أعمدة هي: الأمن، الملف المالي والاقتصادي، الملف الاجتماعي، الخدمات والبنى التحتية، إجراء الانتخابات النيابية، السياسات العامة المحلية والدولية، محاربة الفساد، وإصلاح القضاء.

حرص ميقاتي على مدار ساعة ونصف الساعة على إعطاء كل ملف حقه بالشرح الوافي وبالخطوات المتخذة لترجمته في خدمة اللبنانيين، من دعم الأجهزة العسكرية والأمنية، الى بدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي وتوحيد الارقام التي سيتقدم بها لبنان، الى مشروع مساعدة الأسر والطبقات الأكثر حاجة وإصدار البطاقة التمويلية وتصحيح الأجور وإعادة النظر ببدل النقل، الى الكهرباء التي من المفترض أن تتحسن تغذيتها تباعا من خلال الفيول العراقي والغاز المصري والكهرباء الأردنية، الى التعهد بإجراء الانتخابات النيابية والتأكيد أن لا أحد قادر على تعطيلها، الى التمسك بالعلاقات الوطيدة مع الأشقاء العرب وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية والاصرار على إعادة وصل ما إنقطع بعد تقدير المصلحة الوطنية من المعنيين، وصولا الى إصلاح القضاء وعدم تدخل السياسة به، وإعطائه المجال لكي ينقي نفسه بنفسه.

يخل كلام الرئيس ميقاتي من بعض الرسائل السياسية، حيث فهم المشاركون في اللقاء أن لا إستقالة للحكومة ولا إعتكاف، بل إصرار على تنفيذ المهمة الانقاذية بشتى الطرق والوسائل، معطوفة على سعي حثيث للتفتيش عن مخارج للأزمة الدبلوماسية بشكل متوازن يحفظ بالدرجة الأولى مصلحة اللبنانيين مقيمين ومنتشرين، وعن إيجاد أرضية توافق تمهد لانعقاد مجلس الوزراء لترجمة القرارات المتخذة، وإستئناف المساعي لوضع لبنان على سكة التعافي، كما شدد ميقاتي على تمسكه الكامل بآليات العمل الحكومي التي حددها في كلمته التي ألقاها في السراي الحكومي، خصوصا أن حل أزمات اللبنانيين يتقدم على كل ما عداه من أهواء ومصالح ومكاسب.

بدا واضحا أن حضور ميقاتي في المجلس الاقتصادي الاجتماعي كان له تأثيرا إيجابيا على المشاركين، ما إنعكس على مداخلاتهم التي تضمن معظمها إشادة بالجهود الجبارة التي يبذلها من أجل وقف الانهيار، وشكر على إستمراره في حمل كرة النار وإيمانه بإمكانية الانقاذ.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى