متفرقات

البُرْقُوقُ المُشْتَهى…! أو فَجْرُ الأماني…! بقلم الاديب الكبير الاستاذ مروان مُحَمَّد الخطيب

البُرْقُوقُ المُشْتَهى…!

أو

فَجْرُ الأماني…!

 

يقول رابندرانات طاغور:
“سألتِ الوَردةُ العِطْرَ: لماذا أنتَ بعيدٌ عَنِّي؟!، فأجابَ العِطرُ: لأنَّني موجودٌ في قلبِك”
———-

إلى الفجرِ ننحو،
لجُوكندا أخرى،
تتجاوزُ سِمَاتِ الحَيرة،
تسبحُ في آفاقِ الشَّمسِ والزَّيزفون،
تُغادرُ إبرَ الصَّبارِ والوَهمَ السَّفَرجَلي،
وعَبَثاً توارى خلفَ صخرةِ سِيزيفَ،
وتُغادرُ،
أوحالَ الحَنظلِ،
والسَّبعَ المُوبِقَاتِ،
كوابيسَ هِيروديا،
انشطارَ الحُلمِ،
بينَ كانَ وما سيكونُ،
وتعلو فَوقَ إيقاعِ لُولا أستانوفا،
مُتَجَاوِزَةً واقعيَّتَها الذَّبُول،
ومُستَذكِرةً طَشقندَ وتِرياقَ بُخارى،
راسمةً خَارطةً أخرى،
معالمُها من تَهاليلِ النَّخيلِ وأبجديَّةِ طيبةَ،
ومِنْ ذاكَ المَدى الفَينانِ،
القائمِ نُوراً وحُبُوراً،
بينَ البيتِ العَتيقِ وسيرةِ بيتِ المقدس…!.
لتلكَ العَينينِ القائمتينِ في محْجَريِّ الرُّؤيا والأنَقِ،
بينَ الحُلُمِ الأخضرِ والمُناجاةِ البَتُول،
بينَ ياسمينِ الشَّامِ الشَّذيِّ، وعبيرِ سُلجوقَ الأبيِّ،
نَنْحُو،
وفي الجَعْبَةِ الشَّماءِ،
لَونُ طائرٍ،
لا يرتمي إلَّا في حِضْنِ الشَّمسِ وذاكرةِ اللَّيمون…!.
هُناكَ على مَقْرُبةٍ من صُبحِ قُرطبةَ،
مِنْ حَرْفِ بغدادَ وهَارونِ الرَّشيد،
مِنْ شَهقةِ الجُلَّنارِ في شيرازَ،
مِنْ أبجديَّةِ التُّفاحِ في صفدَ وحرارَ،
ومِنْ رَعْشَةِ التُّوليبِ في شَفَتَيِّ وارسو،
ومِنْ سِفْرِ الإبداعِ في خَيالِ جُول بيار فيرن،
ذيَّاكَ المُسْتَلقِي على ضِفَّةِ الدَّانوبِ اليُسْرَى،
عِوَضاً عن نهرِ ولادتِهِ لوار،
وفي رِحابِ بُودابستَ الغَنَّاء،
تَرجعُ إلينا الرُّؤيا مَرَّةً أخرى،
وينسى ابنُ نانتَ مكانَ ولادتِهِ،
ويَعُودُ النَّهرُ إلى مجراهُ، وينتصرُ مُحَمَّدٌ الفاتِحُ من جديد…!.
…، وتعلو فوقَ الصُّدورِ أصباحُ القَرَنْفُلِ،
تَمتَزِجُ بالأنفاسِ أسُطورةُ يارا،
فَيَعُودُ الشَّهيقُ إلى رِئتَيِّ البُرتُقالِ في يَافا،
تَعُودُ جَفرا،
إلى أعراسِ الجَرمقِ والكَرملِ،
وَيَنفثُ الزَّفيرُ من عَرينِ بحرِ إيجةَ،
ما تَبَقَّى مِنْ وَسْوَسَاتِ إيرينَ وكَيدِها،
ثُمَّ تَشمخُ مَرَّةً سَابعةً،
سِيرةُ مُصعب بنِ عُمَير،
وَتَرجعُ للأقاحِي بَهجَتُها،
وَيَمتَدُّ ظِلُّ سَعدٍ بنِ مُعاذ،
وتُرى سَحَائبُهُ وَدْقاً رطيباً وغيثاً نجيباً،
في كابولَ وبيروتَ،
ويعلو سَناهُ الشَّجِيُّ في سومطرةَ وأرضِ البنْغَال،
وَتُزقزِقُ العَصَافيرُ لِصُبحِهِ في أغاديرَ ورُوما،
وَتَلْبثُ في أمانِهِ أكمامُ الورودِ والبواسقُ مِنَ النَّخِيلِ،
وأعناقُ الحُورِ والصَّفصافِ في بعلبكَ وحِمصَ والبصرة،
وَتَنعَتِقُ عَكَّا مِنْ سَوادِها، لِتُعَانِقَ فَرحتُها،
أحمد باشا،
ونشيدَ البَحْرِ الذي لمْ ينسَ لحظةً اندحارَ نابليون…!.
…، هيَ ذي سيمفونيةُ الوِلادةِ الثَّانيةِ للبُرقوقِ النَّابتِ في جِوارِ السِّدرةِ،
المُتَمَاهِيةُ في تَجَلِّيها الرَّصِينِ مَعَ عُسُولِ صَنعاءَ وكَشمير،
والصَّاعدةُ دوماً،
إلى مَعَارجِ زُليخا،
حينَ عادتْ إلى حِضْنِ السَّماءِ،
فأشْرَقَتْ فيها عَينا يُوسُفَ أماناً وطُمأنينةً،
وحُبَّاً لا يذوي،
ولا تنحرفُ عُراهُ عن حقيقةِ الكَوْنِ والإنسانِ والحَياة…!.
هيَ ذي خَارطةُ الطَّريقِ إلى الخُروجِ من عُبُوديَّةِ الإنسانِ للإنسانِ والمَادَّة،
وهيَ نفسُها المَرقى الأوحدُ إلى كُنهِ السَّعادةِ وفلسفتِها،
وإذَّاكَ،
يَرقصُ الوَردُ والعِطْرُ معاً رِقصةَ الذَّوَبانِ في الوِرْدِ والأمانِ والاطمئنان…،
وتعودُ حيفا إلى شَامِها، ويلبثُ البحرُ في مَدَى أهليه، ويصمتُ خَرِساً إلى غيرِ رَجعةٍ، نِتنياهو،
كيسنجر،
ونيكولو مكيافيلي…!.

مروان مُحَمَّد الخطيب
11/11/2021م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى