الخدمات الاعلامية

خلفيات وأهداف الحملة ضدّ رياض سلامة / خاص الشراع

مجلة الشراع 22 تشرين ثاني 2021

لم يعد مفاجئاً ما يصدر بين فترة واخرى ازاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من تسريبات ظاهرها اعلامي الا ان مضمونها سياسي بامتياز. كما لم يعد مفاجئاً ما يثار من دعاوى تصدر في دولة اوروبية او اخرى ضده وآخرها ما صدر في لوكسمبورغ، ودائما وفق خلفيات واهداف باتت مكشوفة.

الا ان ما يصدر يشير بوضوح الى ان الجهات التي تتعمد بين وقت واخر استهداف سلامة عبر وسائل اعلامية في لبنان او خارجه، او عبر دعاوى قضائية معروفة خلفياتها في عواصم اوروبية في محاولات لم تعد تنطلي على احد ولم تعد تضفي صدقية على استهدافاتها.

  • هذه الجهات تعمل ضمن أجندة باتت مكشوفة في خلفياتها واهدافها، وهي تتوخى تلميع صورتها ورمي مسؤولية ما جرى من انهيارات وازمات غير مسبوقة على الاخرين ومن بينهم رياض سلامة الذي كان يجري العمل وفق معلومات لـ”الشراع” على تطييره من حاكمية مصرف لبنان الا ان ما طرأ واستجد من احداث في الآونة الاخيرة وفي مقدمتها عدم انعقاد مجلس الوزراء نتيجة الخلاف بين اطرافه على تنحية القاضي طارق البيطار وعلى استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي ادى الى تأخير ما كان يراد تمريره .

من هي الجهة التي تستهدف سلامة ؟

لا شك بان هناك عدداً من الاطراف التي لا تتعاطى في هذا الموضوع من منظور مالي او نقدي بحت، بقدر ما تعمل على استخدام اي وسيلة ترى انها تخدم مشروعها او سياساتها او توجهاتها..

  • وفي مقدمة تلك الاطراف المتهمة بالعمل في هذا الاطار فريق جبران باسيل وبالتالي فريق العهد الرئاسي الذي لا يتعاطى حتى الان مع الاوضاع من منطلق التخفيف من الخسائر او الحد منها ،او العمل على الحد من اتساع دائرة النيران التي تحرق البلد كما يفعل الرئيس نجيب ميقاتي.

ويوما بعد يوم تكثر الاتهامات ضد فريق العهد وباسيل بانه لا يعير الازمة اهتمامه بقدر ما هو مهتم بازماته الحزبية والسياسية، وهو ما يبدو على الاقل من ادائه ومن التوجهات التي ما انفك يعلنها واخرها المواصفات اوالشروط التي وضعها الرئيس ميشال عون للرئيس المقبل وهي شروط اقل ما يمكن ان يقال فيها انها تعزز كل ما قيل ويقال عن ان البلاد ذاهبة بعد انتهاء ولايته الى فراغ رئاسي لا احد يستطيع من الان تحديد مداه الزمني.

وبالطبع فان فريق العهد الذي يعتبر اكبر المتضررين من حراك السابع عشر من تشرين الاول – اكتوبر 2019 ، والذي لم يقم بما ينبغي عليه القيام به من اجل تدارك الازمات ، كان اكثر الاطراف تضرراً من الحراك المشار اليه رغم ان الطبقة السياسية برمتها كانت مشمولة بالاحتجاجات على سياساتها وتوجهاتها.

ومع ان الطبقة السياسية اعادت بشكل اجمالي تعويم نفسها من خلال تراجع الانتفاضة الوطنية ضد الحرامية ومن خلال الغطاء الاقليمي والدولي الذي حازت عليه الحكومة الجديدة التي تضم اكثرية الاطراف السياسية، فان تباين اولوياتها ورؤاها للمرحلة الجديدة التي ينتظر ان تبدأ مع انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال عون والرئيس الظل جبران باسيل ، قد يضع الانتخابات امام تحديات تأجيلها .

والحديث عن ذلك يطول. وما هو مهم في هذا السياق يتعلق بالحملة على سلامة ومعاودتها بين الحين والاخر.

فاين تكمن مشكلته مع فريق العهد وباسيل.؟

لعل ما يعمل عون وفريقه على انجازه حاليا ،قام رئيس الجمهورية بالكشف عنه مؤخراً وامام الملأ ، عندما قال انه سيحقق في السنة الاخيرة من ولايته ما لم يستطع القيام به في السنوات الخمس الماضية مشيراً الى انه سيتمكن خلالها من تحقيق ما سعى اليه  من انجازات على صعيد الاصلاح  .

ورغم انه لم يفصح عما يقصده، فان معلومات متداولة في اوساط سياسية ضيقة اشارت الى انه سيعمل في السنة الاخيرة على أمرين هما:

  • 1- الامر الاول: بدء واكمال التدقيق الجنائي الذي كان رفع لواء المطالبة به وتم مؤخراً اقراره في مجلس النواب، كما تم توقيعه من قبل المسؤولين المعنيين واخرهم كان وزير المالية الجديد يوسف الخليل .

الا ان ما يقصده عون وفريقه بالنسبة لموضوع التدقيق الجنائي يختلف عن العناوين العامة والاساسية لهذا التدقيق الذي ينبغي ان يكون:

شاملاً وغير انتقائي، خصوصاً وانه لا يتركز على وزارات تولاها باسيل ومعاونوه في مقدمتها حقيبة الطاقة التي تسببت بقسم كبير ان لم يكن الاكبر في المديونية العامة بسبب هدر المال العام والادارة السيئة له  الخ،

ويراد منه – اي التدقيق الجنائي -توجيه اسهم الاتهام الى قوى ومؤسسات طالما احتدمت المعارك السياسية بينها وبين فريق عون وصهره جبران اللذين يبدو واضحاً انهما يريدان من خلال ذلك تصفية الحسابات مع خصومهم ومحاولة تبييض صورة عهد صار يعتبر الاسوأ في تاريخ لبنان وباتت جهنم والهجرة سمتان بارزتان من سماته.

  • 2-أنا الآمر الثاني الذي يطمح عون الى تحقيقه فهو الاطاحة بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تحت عنوان تحميله مسؤولية كل ما جرى من انهيارات على المستويين النقدي والمالي ، وما حديثه الدائم عن السياسات المالية المتبعة لتحميلها مسؤولية ما حصل ويحصل سوى اشارة يعطيها لهذا الموضوع، رغم ان سلامة لم يكن في اي فترة من الفترات يتولى ما يتجاوز صلاحياته المنصوص عنها في قانون النقد والتسليف ، فيما كانت المشكلة وما زالت سياسية بالدرجة الاولى سواء في الداخل او من خلال عزل لبنان نفسه بسبب السياسات التي اتبعت في عهد عون.

وهذا الامر اي استهداف رياض سلامة يأتي كتتويج للحملات عليه ، لا سيما بعد انكشاف خلفيات محاولات اثارة الشبهات حوله قبل ان ينكشف زيفها ووقوف جهات لبنانية خلفها سواء في سويسرا او في فرنسا ومؤخراَ في لوكسمبورغ.

وبالطبع فان أجندة عون وصهره في هذا المجال ، تخصهما وحدهما وقد يكون من حقهما ان يفعلا ما يريدان في هذه الميدان او في غيره من الميادين ، الا ان من الواضح ان ما هو مضمر من خلال مثل هذه الطروحات هو ادخال البلاد في معارك جديدة لاسيما على المستوى السياسي التي درج هذا الفريق على افتعالها طوال السنوات الخمس الماضية.

من هنا ما فان الحكومة الجديدة العاجزة حتى عن الانعقاد والمطالبة بتأمين ابسط احتياجات المواطن ومن بينها الكهرباء التي تولى الفريق الجبراني ادارتها طوال 17 سنة واوصل البلاد الى شبه العتمة التي تعيشها ، اضافة الى اعادة الانتظام الى عمل الدولة ومؤسساتها وفرملة الانهيار والعمل على تحسين القوة الشرائية لليرة اللبنانية وغيرها من اساسيات ستكون في المستقبل القريب وبعد الانتهاء من مرحلة تسلم الوزراء لمهامهم والاطلاع على ملفات الوزارات التي يديرونها امام تحديات من شأنها اعادة تسخين الانقسام السياسي مع كل ما يفضي اليه هذا الامر من وقائع سلبية على باقي الملفات.

وبالطبع فان ما هو متوخى من التدقيق الجنائي وحاكمية مصرف لبنان ، له غايات او اهداف اخرى تتصل بواقع التيار العوني ومستقبله والمصلحة السياسية لجبران باسيل اليوم وغداً. ومن ضمن ذلك يندرج ما قد يطال الانتخابات النيابية وامكانية اجرائها او عدم اجرائها لاسيما بعد اعلان عون نفسه انه لن يقبل باجراء هذه الانتخابات في الموعد المقرر لها من المجلس النيابي في السابع والعشرين من شهر اذار – مارس المقبل.

 

مجلة الشراع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى