بين المصارف وOMT: تجار يجنون المليارات “من لا شيء”!
في وقت تتمنّع فيه المصارف بغالبيتها عن قبول بيع الدولارات لعموم المواطنين من عملائها، وحصرها في فئة معينة أو بدائرة ضيّقة من العملاء، يحقّق قلّة من تجار العملة أرباحاً هائلة بشكل يومي من دون أي مجهود.استنسابية مطلقة”يجنون المال من لا شيء”، على حد تعبير موظف في أحد المصارف الصغيرة. يؤكد الموظف في حديث إلى “المدن” أن عدداً قليلاً من الزبائن يشترون يومياً الدولارات على منصة صيرفة تطبيقاً للتعميم 161. لكن أكثر ما يلفت الموظف أن العملاء أنفسهم يقومون يومياً بالعملية عينها من دون أي تغيير، ومنهم عميل يقوم يومياً بتصريف المبلغ نفسه.
يحمل التاجر يومياً إلى فرع المصرف مبلغاً من المال يقدّر بمليار ليرة، ينشغل الموظفون يومياً في عدّ رزم الليرات التي تحمل سلاسل الأرقام، لتسليمه تالياً الدولارات مقابل المليار ليرة على سعر صرف منصة صيرفة، فيذهب الزبون ليعود في صباح اليوم التالي ويجري العملية نفسها من دون أي تغيير.
تتعامل المصارف مع التعميم 161 باستنسابية مطلقة، فتبيع الدولارات أو تحجبها كما تريد وحينما تريد، وتتفاوت عمليات شراء الدولارات بين مصرف وآخر وبين زبون وآخر في المصرف نفسه، من دون أي تبرير منطقي سوى عبارة “لا سيولة بالدولار لدينا”. هكذا يحسم الموظف المصرفي موضوع بيع الدولارات للزبائن غير المحظيين، أما المحظيون منهم فيجنون أرباحاً هائلة من عمليات الإتجار بالعملات بين المصرف وشركات التحويل المالي خصوصاً شركة OMT.عملية مربحةعمليات الإتجار بالعملات بين المصارف وشركات التحويل المالي و الصرافين عديدة، والحديث عنها لم يعد مستغرباً، لكن أن يصل الأمر إلى امتهان بعض التجار عملية الاستفادة من التعميم 161 وتحقيق أرباح عالية جداً جراء تحويل الأموال فهو أمر بالغ خطورة.
يروي الموظف المصرفي حالة أحد تجار العملة الذي يتردّد بشكل مستمر على الفرع المصرفي عينه منذ أشهر، ومثله كُثر، فيجني المليارات من دون القيام بأي مجهود أو تقديم خدمة، وإذا أخذنا الأسبوع الفائت مثالاً، يمكن احتساب حجم الأرباح التي يجنيها التاجر جراء تبديل العملات، والتي تتضاعف على مدار الشهر.
يُحضر التاجر يومياً مليار ليرة نقداً الى البنك. يشتري بقيمتها الدولارات على سعر صرف منصة صيرفة أي 22100 ليرة (بتاريخ 7 نيسان 2022) فيتقاضى ما يقارب 45250 دولاراً (45248 دولاراً) ثم يذهب بالدولارات فوراً إلى الصراف ويتم صرفها على سعر صرف دولار السوق السوداء 24000 ليرة، فتكون الحصيلة ملياراً و85 مليون ليرة، وبالتالي يحقق التاجر ربحاً فورياً في يوم واحد بقيمة 85 مليون ليرة، ويزيد الربح الفوري أو يقل أحياناً حسب فارق سعر صرف دولار منصة صيرفة وسعر دولار السوق السوداء، ويصل أحياناً الربح اليومي إلى 100 مليون ليرة.
وفيما لو اتخذنا معدلاً وسطياً للربح الفوري الذي يحققه التاجر نتيجة تبديل العملات على مدار الشهر نخلص إلى النتيجة التالية: 90 مليون ليرة يومياً كمعدل وسطي. وفي حال اعتبرنا أن العملية تم تكرارها من الإثنين الى يوم الجمعة فقط، أي 22 مرة شهرياً، يكون ربح التاجر ملياراً و980 مليون ليرة إلى قرابة ملياري ليرة خلال شهر، أو ما يقارب 100 ألف دولار شهرياً.. تجارة مربحة على نحو مذهل.
أما لجهة إعلان مصرف لبنان يومياً ما عدا أيام السبت والأحد، عن حركة التداول بالعملة الأجنبية على منصة صيرفة حجماً وسعراً، فذلك لا يتعدّى الشكليات. وهل يجرؤ مصرف لبنان على تعميم أسماء المستفيدين من دولارات منصّة صيرفة عبر المصارف؟ بالطبع لا، فالمركزي لم يعلن يوماً أسماء المستفيدين من الدولارات المدعومة منذ بداية العام الحالي، تاريخ إطلاق التعميم 161، وحتى اللحظة. فبعض مدراء المصارف وموظفيها لا يختلفون عن تجار العملات الذين يتقاسمون معهم “غلّة” دولارات منصة صيرفة.