الخدمات الاعلامية

كتب الإعلامي الدكتور باسم عساف : مرسوم أبو الميش … يمرر شفط حقل كاريش…

تخدر الشعب اللبناني على مدى سنوات عديدة ، من خلال الوعود التي أغدقت عليه مراراً وتكراراً من المنظومة السياسية في كثير من المناسبات والإستحقاقات الإنتخابية أو المالية أو الإقتصادية والتي ترافقت مع حملات الإنماء والإعمار ، عقب التوقيع على بنود مؤتمر الطائف ، وهذه الوعود كانت تبنى على وجود النفط والغاز في أعماق المياه الإقليمية اللبنانية ، والتي ستعوُِض على لبنان واللبنانيين الديون التي فاقت المائة مليار دولار أميركي ، مع إطلاق الوعود التي دغدغت النفوس الضعيفة فإستكانت وخنعت للسرقة والشفط مقابل الغاز والنفط ، الذي سيعوض لبنان وأبناءه من عائداته التي تفوق مئآت المليارات من الدولارات…
إن إتفاق الإطار الذي أعلن عنه الرئيس بري في السنة الماضية وعن مضمونه في الإتفاق مع الوفد اليهودي ، عبر الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين ( اليهودي الأصل) وعبر مفاوضات قد بدأت منذ سنة /٢٠١١ وإستمرت بعيداً عن الإعلام ، ربما لأن مباحثاتها كانت تحت الطاولة ، وباتت فوقها بعدما تم الربط بين المواقف والإتفاق على التراجع من حدود خط/ ٢٩ / الى حدود خط ٢٣/ وبالتالي خسران أكثر من / ٨٠٠ كلم مربع من المياه الإقليمية ومن الحقل رقم /٩ /والمعروف بحقل كاريش الغني بإحتياط كبير من الغاز والنفط …
حيث تم التنقيب فيه من قبل الدويلة العبرية ، التي تمكنت من الوصول إليها وإستكملت الإجراءآت اللازمة لإستخراجها وأمّنت الشركة والسفينة والمنصّة والطاقم والتسويق المطلوب بشغف ، في ظل الحصار الغربي على الغاز الروسي والأوكراني وملهاتهم بحرب عبثية وجانبية تهم المتربصين للهيمنة الإقتصادية والمالية والسيطرة على العالم برأس واحد من تدبير ما يسمون أنفسهم( شعب الله المختار) ٠وما يطلقون عليها بخارطة الطريق التي توصلهم الى (الغاية التي تبرر الوسيلة ) …
لبنان وقيادته الحميمة ، تعاطوا مع المسألة بكل خفَّة وهوان وهوادة ، ولا نستثني أحداً من المسؤولين :
رئآسياً (حيث أن المعاهدات والإتفاقيات مع الخارج من صلاحياته الأساسية )..
ولا حكومياً ، والمتعاقبين عليها حيث تم تمرير المرسوم / ٦٤٣٣ / الذي أرسل للأمم عبر الوسيط الأميركي ، الذي يحدد خط الحدود البحرية على رقم/ ٢٣ ..
ولا نيابياً ، حيث تكريس المعاهدات والعقود الدولية والموافقة عليها مع الرضا بتشكيل الوفد الرسمي المفاوض حيث تم إختياره بالتراضي وليس بالتخصص ، وهذه بحد ذاتها ، فضيحة أمام الوفد اليهودي المتمكن عسكرياً وبحرياً ، وبالإتفاق مع الوسيط الموالي لهم بالتنظيم والترتيب والتمرير والتقرير ، الذي أوصلنا الى التلهي عن إجراءآت التنقيب ، حتى ببقية الحقول الأخرى على إمتداد الشاطئ اللبناني …
لا فرق عند المنظومة السياسية في لبنان ، ولم يتغير سهم البوصلة عندهم ، حيث يدور بإتجاه الشفط ، وقد كان بالعنوان البرّي ، وحالياً هو بالعنوان البحري !!!! ، فما يُضير الشعب اللبناني ، الذي كان ينتفض بالساحات والشوارع ، للتعبير عن السخط والإحتجاج ، واليوم بات في قاعات مجلس النواب وضمن السلطة التشريعية وربما التنفيذية في اللعبة الديموقراطية ، التي كانوا ينادون بها ويُهيّصون لها …
وقد إستدرجوا لها ، بدغدغة النفوس تحت راية التغيير والإصلاح ، وقد تم لهم الأمر بدخول اللعبة ، وباتوا جزءاً منها في ظل النظام وفي ظل القانون الإنتخابي النسبي الشيطاني الذي أوصلهم أفراداً وليس جماعة واحدة تشكل كتلة وازنة ، كما هي المنظومة السياسية المتحدة تحت راية التوافقية الديموقراطية ، وبتوزيع ماكر في الموالاة والمعارضة ، لجميع المراكز والمناصب واللجان ، وحتى للبعثات والسفراء ولكل فئآت التوظيف والتكليف …
وهذا كله يدور لتذويب المستقلين والمنتفضين للتغيير ، وإلهائهم بالتصويت الديموقراطي ، حيث يسري التوافق من تحت الطاولة التي إعتادوا عليه بكل محاصصاتهم السياسية والمالية والإقتصادية بالمشاريع والمساعدات والمال والأعمال ، وهكذا ….
لا حجة لإنتفاضة الشارع بعد اليوم بحجة التغيير للمنظومة المفسدة ، ولا للنظام الفاسد ، من خلال الساحات والمنصات الإعلامية ، ومن خارج المنصات الدستورية التي رضوا بدخولها من خلال الإنتخابات النيابية وقانونها الأعوج ، الذي أوصل البعض منهم الى مسار خارطة الطريق وهو الهدف الأعلى للمنظومة السياسية التي بات أفرادها زملاء المجلس واللجان والمناصب واللقاءآت والإجتماعات ، ولا مجال معها للتغيير من الداخل كما كان ينادى له من الخارج ، والكل شركاء باللعبة الديموقراطية التي تخضع للأكثرية والأقلية ، وهنا تكمن العلة بالإستدراج للتغييرين حيث لم تتوحد جبهاتهم ولوائحهم في الخارج ، وهي بالتالي غير موحدة بالرؤيا والمسار والمسير والمطالب والغاية والهدف المنسود من التغيير الحقيقي وليس على الشاشات والشوارع فقط…
طبعاً الشعب اللبناني برمته يناشد التغيير وينتظر الفرج من الإحتقان والحصار على معيشته وحياته ، والأزمات المتراكمة على مصالحه المهدورة مع حقوقه ، التي سلبها أركان المنظومة السياسية الفاسدة على مدى عهود الحكم اللبناني ، والتي توَّجها العهد الحالي بالشفط ، من السدود والكهرباء والنفط ، والديون زادت على رأسه بالضغط ، وأدخلته بالحيرة واللغط ، وقادته الى لعبة التسويف والمغط ، فنال جزاءه بالمهانة والسخط …
اليوم ، ومع مباشرة العدو اليهودي بعمليات إستخراج الغاز والنفط وإستخدام سفينة الشفط ، على حساب لبنان وثروة شعبه المنتظرة لأجل إخراجه من أتون الأزمات المتراكمة ، ونهوضه من كبوته وأحزانه بفعل المفسدين الممعنين بالنهب والسرقة والشفط لمصالحهم الشخصية والخاصة ، على حساب مصالح الشعب العامة …
لا بد من الوقفة الوطنية الكبرى لكل الشعب اللبناني ، ولا سيما لقوى التغيير والإنتفاضة التي ينبغي أن تعتبرها غايةً بحدِ ذاتها ، لتتوحد بالموقف والتعبير على عدم تمريرها وتسويةِ وضعها الخياني بحق الوطن ، أو إعتبار تمريرها هو الخيانة العظمى ، التي تستوجب العقوبة اللازمة ، لمن خاض مخاضها ، فوق أو تحت الطاولة ، سيَّان بين ذلك ، والأهم ألا يمرَّ مرسوم أبو الميش ، لتسهيل شفط غاز حقل كاريش …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى