الخدمات الاعلامية

العالم الى اليمين در والعرب في المقدمة /بقلم حسن صبرا/الشراع

الشراع 6 تشرين ثاني 2022

الكيان الصهيوني لم يكن آخر المنقلبين نحو اليمين ، لأن اصل نشأته يمينية ، حتى لو كان الرواد المؤسسون يساريون ، كما يحلو للاوروبيين تقسيم القوى السياسية  ، وقد جعلوا اليسار عنواناً للتقدم ليبرروا قيام كيان عنصري على ارض فلسطين بدءاً من وعد بلفور في مقارنة الكيانات التي شرذموا البلاد العربية فيها ، واعتبروها مقاييس للتخلف او ما يمكن تسميته بمواصفاتهم اوكاراً لليمين من القبلية والعائلية والعشائرية والمتدينة ، واوروبا فرضت هذه التسميات وفق القوانين التي تسنها في السياسة ، وفي الاجتماع وفي الجغرافيا ، فنحن شرق اوسط لها قياساً بشرق اقصى وهناك شرق ادنى ، اي انهم هم مقياس العالم ، ومن عندهم يبدأ ، ولو كانت روسيا هي الحاكمة النافذة في العالم كما هي اميركا لكنا نحن في الغرب الاوسط بالنسبة لها ، ولكانت اميركا هي الغرب الاقصى بالنسبة لها في الجغرافيا…

وفي السياسة فإن اميركا كانت وستبقى رمزاً لليمينية ، من ناحية سيطرتها على مقدرات الشعوب ، وكذلك كل اوروبا

وما حصل في الكيان الصهيونى ، من تحول يتصاعد نحو اليمين ، يؤكد ارتباط اليمين بالعنصرية ، وهذا ما يلمسه  محللون سياسيون ومفكرون في اوروبا ،الذين يربطون صعود اليمين في دولها  ، بتزايد اعداد المهاجرين ، خصوصاً العرب والمسلمين والافارقة …

والسلوكيات المختلفة التي حملوها من بلادهم المتخلفة ، الى اوروبا ..بل ويحاول كثيرون منهم فرضها على المجتمعات الاوروبية ، التي تسمح قوانينها بأن تستقبلهم وان تحميهم من بطش يعيشونه في بلادهم ، وتعطيهم حماية مفقودة في بلادهم ، وحرية وطبابة وتعليم وكل مظهر تقدم لا يستطيعونه كما الفرص .

فماذا عن العرب ؟

مئات ملايين العرب واقعون في بلادهم ، بين انظمة هي في طبيعة التقييم الاوروبي يمينية : فالانظمة العربية هي إما عسكرية ، واما  ملكية واما دينية ، ويمكن ان تكون هذه التوصيفات مشتركة في اكثر من نظام … وعندما نقول دينية ، فنحن نتجاوز الانظمة لنتحدث عن المجتمعات العربية كلها ، لأن نزعة التدين الشعبية العامة ، تجعل المتحكم في ثقافتها هم من رجال الدين والانظمة الموروثة في التراث الاسلامي ، والتي ويا للمفارقة المدهشة تكشف ان اشد المجتمعات انغلاقاً وهي المملكة العربية السعودية ، تشهد ومنذ سنوات اندفاعاً بل ثورة في محاولة التخلص من التراث الاسلامي ، الذي يحمل في جيناته بذور التخلف والجمود وكراهية الاخر .

    كتبنا ونكرر ان جماعة الاخوان المسلمين ، يخسرون معاركهم في السياسة ، لكنهم رابحون حتماً في الثقافة بسيادة هذه الثقافة في سلوكيات كل حكام العرب الخاضعين وشعوبهم وعائلاتهم ، للمؤسسات الدينية التي قد تخضع للحكام في السياسة ، لكنها تبقى هي مرجع الحكام والمجتمعات في كل شأن ديني يرسم سلوك المجتمعات منذ مئات السنين!!
ومنذ عشرات السنين،  ومع صعود الجماعات الدينية السنية في افغانستان ، التي الهمت التوجه الاسلامي الشيعي في ايران ، صارت المذهبية بين المسلمين هي المقياس في الثقافات الشعبية المتداولة ، وهذه ربما الاكثر تعبيراً عن توجه المسلمين ومنهم العرب نحو اليمينية .. بدءًا بالكراهية المتبادلة بين المسلمين انفسهم  ، بسبب الخلافات المذهبية المتوارثة ، والتي تكاد تكون هي المسيطرة على مجتمعات العرب والمسلمين … ونظرةواحدة الى سلوكيات البعض منهم الذين ينتقمون من بعض بنسف مساجدهم وهدمها فوق رؤوس المصلين ،الذين يتجهون نحو قبلة واحدة، ويعبدون إلهاً واحداً، وينطقون في الصلاة بلغة واحدة هي العربية ، هي لغة القرآن الذي خص به الله العرب واختار من بينهم نبياً عربياً واحداً .

واخيراً

العرب هم اصل اليمين ، طالما ظلوا اسرى تراث يحمل في جذوره اصول الكراهية ليس للآخر المسيحي مثلاً فقط ، بل للمسلم الآخر الذي يخالفهم الرأي

مجلة الشراع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى