مقالات

لا خير فينا إن لم نقلها ، ولا خير فيك إن لم تسمعها/ بقلم الشيخ مظهر الحموي

لا خير فينا إن لم نقلها
ولا خير فيك إن لم تسمعها

بقلم الشيخ مظهر الحموي

إن من أبرز نعم الله على المرء أنه قد خُلق حراً لا يخشى إلا الله في كافة تصرفاته وأقواله وممارساته ، وهكذا ينبغي أن يكون عليه الإنسان عامة والمسلم خاصة ، لأن ديننا يحضنا على قول الحق والحقيقة وإسداء النصح ، ولا سيما لمن ولي أمراً ذا مسؤولية عامة .
وكلنا يعلم أن المرء إذا أصبح على سدة مركز أو منصب مهما كان نوعه فإنه يتوجب عليه أن يصيغ السمع لأي ملاحظة أو إشارة أو نصيحة تسدى إليه حتى يتداركها أو يصوب منهجه وعمله لما فيه خير الناس والمجتمع.
وتزداد أهمية النصح في تاريخنا الإسلامي لما نعرفه من العديد من المواقف التي جرت فيها نصح الخلفاء والولاة حتى ولو كانوا على منابرهم عندما كان المسلمون يجأرون بقول الحق في وجوههم فكانوا يحسنون الإستماع إليهم ويوافقونهم الرأي حتى أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه قال : أصابت إمرأة وأخطأ عمر.
ألم تر الى العديد من الوقائع المعلومة لدينا عندما كان أحد المسلمين يواجه الخليفة أو واليا بقوله إتق الله فكان هذا الخليفة أو ذاك الوالي يبكي ويتحسر على نفسه لأنه كان يخشى أنه قد يقدم على خطأ ما يستحق أن يتراجع عنه وأن يتق الله فيه
وبات معلوماً ذلك القول الشهير لأحد المسلمين عندما نصح أمير المؤمنين بقوله إتق الله فقام أحد الصحابة ونهره قائلا أتقول هذا لأمير المؤمنين إتق الله فقال له عمر : دعه لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها.
لذا فإننا نبادر الى سماحة مفتي طرابلس والشمال الجديد بالنصح بالآية الكريمة التي يجب أن يضعها نصب عينيه وهي قول الله تعالى : { فَٱسۡتَقِمۡ كَمَاۤ أُمِرۡتَ }
والإستقامة هنا تزداد أهميتها إذا ما ولي أحد مسؤولية أو منصباً ، مما يفترض به أن يحرص على الإستقامة في القول والفعل والعمل ، ولا سيما أن منصب الإفتاء على درجة كبرى من الأهمية في حياة هذه الطائفة كما بات معلوماً ، قال رسول الله ﷺ : ما مِنْ عبدٍ يسترْعيه اللهُ رعيَّةً ، يموتُ يومَ يموتُ ، وهوَ غاشٌّ لرعِيَّتِهِ ، إلَّا حرّمَ اللهُ عليْهِ الجنَّةَ.
إن المسلمين اليوم في طرابلس والشمال الذين حرموا وظلموا كثيرا يتطلعون الى أن يكون المفتي قريبا منهم ذو شخصية قوية وحضور فاعل لاسيما أن أمامه مهمات جسيمة يجب عليه أن يؤديها خصوصاً في هذه الظروف الحالكة التي تحيط بنا وأن يقف في وجه كل المخططات والمؤمرات والمسائل التي تدبر لأهل السنة خصوصا ، فهذا المنصب ليس للأبهة والوجاهة والتشريف ، وليس فقط لرئاسة مجلس الأوقاف وإثبات رمضان والعيد ، بل هو يا سماحة المفتي مسؤولية وتكليف يجب أن تؤدي حق الله فيها وأن يكون خالص همك إرضاء وجهه الكريم والعمل على ملاحقة حوائج الناس وتيسير أمورهم والإستجابة الى متطلباتهم.
وإننا نطالبك من خلال برنامجنا الذي طرحناه في هذا الإستحقاق لنؤكد على أن لمدينة طرابلس والشمال تاريخا حافلا على الصعيد الحضاري والفكري والعلمي ، وقد سحب منهم هذا الدور على عهد ما يسمى بالإنتداب الفرنسي ، ومنذ ذلك الوقت ونحن نتعرض للتهميش واللامبالاة.
عليك ان تعمل على محاولة استعادة دور أهل السنة وحضورهم ونهضتهم وأن تراجع سير أولئك المفتين العظام الذين مروا في تاريخ إفتاء طرابلس والشمال لتستقي منهم العبر والمواقف المشرفة ولتسعى الى إستعادة مكانة الإفتاء على جميع الصعد الدينية والإجتماعية بل وحتى السياسية.
ويجدر بك أن تنشىء بطانة صالحة ليس فيها مكانا لأصحاب المصالح والمرائين والمداحين لقوله ﷺ ( حثوا في وجه المداحين التراب ) ولأنهم قد يزينون لك الأخطاء ولا يتجرأون على إبداء أي ملاحظة إن أخطأت التصرف ، إذ أن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
ونؤكد على وجوب تعاونك مع الفعاليات على كافة المستويات دون أي إنزواء أو لا مبالاة بما يجري من حولنا ويتم ذلك بإعتماد مجالس شورى متخصصة لتدارس الواقع العام بكل ما فيه .
وعليك أن تضع في مقدمة إهتمامك وجوب احداث انقلاب جذري في دائرة الأوقاف الإسلامية ، وان تمضي قدما في تحقيق ما يتمناه المسلمون من تطوير هذه الأوقاف وتنميتها وزيادة وارداتها والكشف عن كل كبيرة وصغيرة وسوء التصرف بعقاراتها.
أما ورثة الأنبياء ، أولئك الأخوة العلماء الأفاضل من أئمة وخطباء ، ومدرسين وخدم مساجد ومؤذنين وموظفين فهم المأساة الانسانية الحقيقية التي يجب العمل على تداركها عبر إنصافهم وإكرامهم بما يليق من راتب يكفيهم ذل الإرتماء في أحضان الغير واللهاث وراءهم من أجل الدواء أو الطبابة أو صندوق مواد غذائية الخ…
ويا حبذا لو يكون للعلماء وكافة الموظفين الدينيين وقف خيري كما يوجد في بيروت (وقف العلماء) حتى نكفيهم حاجتهم ليمتنعوا عن ذل الوقوف بأبواب أحد وأن يعيشوا عيشة كريمة ويلتزموا مهمتهم الموكلة اليهم في مساجدهم ليكونوا منسجمين مع رسالتهم كدعاة ومرشدين وموجهين.
امامك دور أساسي في إنصاف أبناء طرابلس والشمال في حقوقهم المشروعة في أن يكون لهم العدد العادل من القضاة  ومدرسي الفتوى ، ومن المساعدين القضائيين والأئمة المنفردين ومن توظيف العشرات من المجازين في العلوم الشرعية في المحاكم والمساجد والمدارس ودوائر الأوقاف ؟
المطلوب من سماحة المفتي اليوم أن يكون على مسافة واحدة من كل المؤسسات والفعاليات ورجال السياسة وأن لا يجير منصبه لصالح أحد منهم والا دخل في خصومة كيدية مع الناس والآخرين مما سيضع مركز الإفتاء في المواجهة.
وأخير ندعو لك بالتوفيق لما فيه مصلحة أهل السنة وإعادة حقوقهم وحفظ كرامتهم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi