سنية رستم غزالي قتلته؟/الشراع

الشراع 1 اذار 2023

في البرنامج الوثائقي الذي بثته قناة الجديد ، والذي اعده وقدمه الزميل جورج بكاسيني في الذكرى 18 لإغتيال الرئيس المظلوم رفيق الحريرى..

يكشف بكاسيني ان حاكم لبنان بعد اللواء غازي كنعان اللواء رستم غزالي ، حذر رئيس شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي اللواء وسام الحسن من وجود خطة لاغتياله .

المفاجأة ليست في هذا الكشف ، بل في ان رستم كان على لائحة الاشخاص الذين يدفع لهم الحسن مخصصات مالية شهرياً حتى بعد خروجه من لبنان في 26/4/2005. بعد اغتيال الحريري بشهرين و12يوماً .

الصلة التي نشأت بين غزالي والحسن عندما كان الاول حاكماً في لبنان كانت منطقية ومطلوبة ومغطاة من الرئيس الحريري نفسه ، اما بعد خروج قوات الاحتلال الاسدي من لبنان ، فإن استمرار العلاقة كانت غير منطقية وغير مطلوبة وغير مغطاة من احد .

دون نسيان ان كثيرين من الذين كانوا على صلة مع غزالي وغيره من استخبارات الاسد ظلوا على تواصل معه وكانوا يزورونه في دمشق وريفها احياناً وكانوا ملاحقين اعلامياً من جانب جهات ترصدهم ، مستنكرة استمرار هذه العلاقة ، خصوصاً بعد تمادي استخبارات الاسد في قتل سياسيين لبنانيين معارضين لنهج نظام الاسد …

الى ان حصلت الدعوة الى المصالحة العربية التي اطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في شهر آذار / مارس عام 2009 ، ورهان الملك الطيب على امكانية اخراج بشار الاسد من الحضن الايراني ، مما دفعه لإرسال الرئيس سعد الحريري للتوجه الى دمشق للقاء قاتل ابيه وهو بشار الاسد ..

كلام كثير وكبير يمكن ايراده عن هذا الموضوع ، لكننا سنركز فقط على المهمة التي كلف بها الحريري الابن وسام الحسن ، لترتيب زيارته الى دمشق بناء لطلب الملك السعودي
كان الحسن وغزالي اصدقاء وزملاء استخبارات ومكلفان كل من مرجعيته السياسية باللقاء لترتيب ذهاب الحريري للقاء الاسد …لذا التقى الامنيان في ابو ظبي في فيلا وضعها تحت تصرفهما مغترب سوري سني على صلة مع الاستخبارات السورية.

فهل كان غزالي متفاهماً عبر الحسن مع الحريري الاب ثم الابن ؟

يمكن اعتماد هذا القول بناء على ماتقدم ، وايضاً انسحاماً مع نهاية رستم غزالي المأساوية …

لكن الاهم هو التساؤل:

هل كان لرستم غزالي ان يفتح على حسابه ، وان يشهر سنيته في ظل نظام مذهبي علوي يكره السنة في سورية وبنى سلطته فوق جماجمهم ، وساهم في لبنان في كسر شوكة السنة وهو يسلم الشيعة درع التثبيت كسلطة صاعدة حتى بعد رحيله من لبنان ؟

هناك معادلة مقابلة تحمل قدراً كبيراً من المنطق وهي ان رستم غزالي ، ادرك ان حافظ الاسد (ومن بعده وريثه بشار ) اراد ان يكون غطاءه في بيروت سنياً اولاً ومرتبطاً به ثانياً ، وهو نفذ في بيروت ما نفذه في سورية ، عندما جعل السلطات الشكلية في يد السنة كعبد الحليم خدام وحكمت الشهابي وعبد الله الاحمر وعبد الرؤوف الكسم ، بينما كانت السلطة الفعلية بيد العلويين ولا مذهباً ثانياً إلا العلويين
في بيروت حيث كان االامنيون السوريون بعتبرون مكتب الرملة البيضاء ( كان يقال له خطأ البوريفاج ) هو مكتب حافظ الاسد ، وقد تناوب على رئاسته الضباط الكبار :

عبد السلام الداغستاني وعلي حمود ورستم غزالي ومحمد خلوف
كان الضباط الثلاثة الداغستاني وحمود وخلوف من اصحاب التربية العالية وهم شبعانون في بيوتهم ، بينما كان غزالي من الضباط الزعران والجشعين للمال والشبقين للنساء
غير ان غزالي استوعب تماماًنهج حافظ الاسد ، وهو انه اختار سنياً ليحكم بيروت ذات الاغلبية السنية
فطبق غزالي هذا المنهج الاسدي على طريقته …

لذا عمل على تطبيقه والتوسع فيه بتقريب القوى السنية التي لم تكن ملحقة او مؤيدة للزعامات السنية التقليدية ( الصلح ثم سلام ثم الحريري ..) وكان يرى ان التأثير السوري من خلال العائلات التقليدية مستحيل ألا بالاكراه ( وقد فهم حافظ الاسد معنى ان تكون ازواج رؤساء وزراء لبنان من حلب ومن دمشق ومن حمص ، اي كلهن سنة ) ، بينما من الافضل لنهجه اعتماد قوى اسلامية صاعدة او تاريخية ذات طبيعة انتشار وولاء حزبي تحتاج الى علاقات مع سورية او كل صاحب سلطة قوية في لبنان … وهذا ما طبقه رستم غزالي في بيروت :

كانت جمعية المشاريع تصعد لتصبح اقوى قوة حزبية سنية في بيروت وفي لبنان ، فكانت الاقرب الى سورية عبر رستم غزالي ومن سبقه ، حتى الجماعة الاسلامية جاءتها فرصة مقاطعة المسيحيين وسنة بيروت لإول انتخابات تجرى في لبنان بعد اتفاق الطائف.. ليدفعها غازي كنعان عبر رستم غزالي للمشاركة في الانتخابات ولتحصد ثلاثة مقاعد ( احدها في بيروت هو لزهير العبيدي والثاني في الشمال لايعد هرموش ..) ودخل عدنان طرابلسي مجلس النواب كممثل للأحباش ايضاً ، وشارك حزب الله في عدة دوائر انتخابية في انتخابات ال1992.

احاط رستم نفسه في بيروت بعدد من قبضايات الاحياء والرافضين للاحزاب والمتعهدين بجلب الاموال له ، والمتطوعين لخدمة كل صاحب سلطة ونفوذ في العاصمة ..، ومعظمهم بيارتة مع قلة من الشيعة والدروز .

وعندما قامت الثورة الشعبية في سورية ضد حكم ال الاسد ، كان رستم رئيسًا لفرع امن دمشق وريفها ، وتوجه الى درعا – حوران وبلدته قرفة لحماية قصره فيها ، فلما قال لاهل بلدته وكلهم سنة انه جاء ليحمي المنطقة ، بعد ان بلغه ان اللواء قاسم سليماني يريده مقراً له ، طلب من جماعته اعانته على احراق قصره الذي كان يحتفظ  فيه بسبائك ذهب حصل عليها من منافقين لبنانيين من بينهم رنى قليلات وآخرين وكذلك بالاكراه والابتزاز عبر مخبرين كان يكلفهم بجلب اثرياء اليه بكل الوسائل ،بالاغراء وبالتهديد .
احرق غزالي قصره وهو يخطب امام عزوته : يمكن ان تسقط القرداحة لكن قرفة لن تسقط … وقيل بعد مقتله ان هذه العبارة هي التي قتلته !

في الحلقة الثانية
تنشر الشراع القصة الحقيقية لمصرع رستم غزالي

مجلة الشراع