الخدمات الاعلامية

هذه هي شروط الطبقة السياسية لاجراء الانتخابات النيابية / خاص- الشراع

مجلة الشراع 4 تشرين اول 2021

عاد الحديث عن الانتخابات النيابية واجرائها في موعدها في الربيع المقبل ليتصدر احاديث السياسيين في لبنان على اختلاف اطرافهم.

وبين من يؤكد ضرورة اجرائها في موعدها حسب قانون الانتخاب المعتمد في الدورة السابقة ، وبين من يكشف عن ان فريقه السياسي بدأ التحضير لخوضها ، وبين من يرى ان على الشعب اللبناني ان يدلي بدلوه من خلال صناديق الاقتراع، فان سبحة التصريحات والمواقف كرت بطريقة لافتة وبدا كأن هناك سباقاً يدور حول هذا الموضوع في اطار سعي كل طرف الى المزايدة في هذا المجال او توجيه الرسائل للدول الضاغطة باتجاه انجاز الاستحقاق الدستوري.

ورغم ذلك، فان ثمة شكوكاً من قبل مراقبين بارزين حيال صدقية ما يعلن ويذاع ويؤكد في وسائل الاعلام ، خصوصاً في ضوء التجارب السابقة التي تشير الى ان لا شيء مضموناً في هذا المجال مع طبقة سياسية تعرف تماماً كيف تدير مصالحها فتتجنب ما يضر بها وتتلقف ما يخدمها، في وقت البلاد بامس الحاجة فيه اليوم الى ما ينقذ المواطن في لقمة عيشه وانارة منزله ومساعدته على مواجهة الظروف الصعبة لا بل المستحيلة التي يمر بها من جراء انهيار القوة الشرائية بشكل خطير لمخصصه الشهري ،هذا في حال كان ما يزال يزاول عمله ولم يصرف منه على غرار ما حصل مع عشرات الاف اللبنانيين الذين انضموا الى دائرة العاطلين عن العمل.

ما يشاع اليوم عن الانتخابات قد يكون اكذوبة جديدة للطبقة السياسية المتحكمة والحاكمة يراد منها كسب الوقت وتمريره حتى ايجاد الذريعة “المناسبة “التي تدفع بها الى الالتفاف على الامر ، وإن كان الامر يحتاج منها الى عمل استثنائي او الافادة من اوضاع قد تستجد في البلاد في اي وقت، لاسيما في ظل تباين الأجندات لعدد من القوى الفاعلة سواء داخل الحكومة او خارجها.

ومع ان الطبقة السياسية اعادت بشكل اجمالي تعويم نفسها من خلال تراجع “الانتفاضة الوطنية ضد الحرامية” ومن خلال الغطاء الاقليمي والدولي الذي حازت عليه الحكومة الجديدة التي تضم اكثرية الاطراف السياسية، فان تباين أولوياتها ورؤاها للمرحلة الجديدة التي ينتظر ان تبدأ مع انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال عون والرئيس الظل جبران باسيل ، قد يضع الانتخابات امام تحديات كبيرة بينها امكانية  تأجيلها .

الا ان تأجيل الانتخابات النيابية والتمديد للمجلس النيابي ليسا امراً محسوماً بعد لدى الطبقة السياسية خصوصاً وان هناك من يربط ذلك بمسارات خارجية من شأنها ان تنعكس على لبنان ، وبينها على سبيل المثال لا الحصر مسار المفاوضات الاميركية – الايرانية والذي من شأنه حسب اصحاب هذا الرأي ان يسهل اجراء الانتخابات النيابية في حال افضت الى اتفاق تضمن من خلاله الطبقة السياسية ابقاء تحكمها وسيطرتها او من شأنه الاطاحة بالانتخابات في حال لم تكن ظروف الاتفاق بين واشنطن وطهران متوافرة.

وفي الحالتين ، اي في حال حدوث انفراجات خارجية او عدم حدوثها،فان ما تريده الطبقة السياسية في لبنان هو استمرار هيمنتها وسيطرتها واستحواذها على مفاتيح ادارة الدولة والمؤسسات او ما تبقى منها بتعبير أدق.

ومهما يكن من امر، فان ما يمكن الجزم به هو انه مهما اختلفت الاحوال او تبدلت، بامكان الطبقة السياسية التكيف مع اي تغيير او تعديل ، والتجديد لنفسها طالما ان النظام الانتخابي في لبنان مفصل على قياس اطرافها واحزابها وتياراتها.

وما كان يقوم به وكيل نظام الوصاية السوري في لبنان غازي كنعان ومن ثم خلفه رستم غزالة ، تحول الى قاعدة ، تم اعتمادها على الدوام رغم خروج القوات السورية من لبنان في العام 2005 وحتى اليوم. فالانتخابات معروفة نتائجها من خلال قانون الانتخاب الذي يتم اقراره تبعاً لمصلحة افرقاء الطبقة السياسية، وكل ما يمكن ان يحصل من خلال صناديق الاقتراع لا يمكن ان يشكل فارقاً نوعياً او مهماً ،وفي احسن الاحوال فان نسبة التغيير الذي يمكن ان يحصل لا تتجاوز العشرة في المائة. وهو امر كان وما يزال قائما في ظل قانون الانتخاب الحالي المعتمد والذي لا يمكن وصفه الا بانه قانون متخلف ويشكل اسوأ النماذج الطائفية ومن شأنه زيادة الشرخ بين اللبنانيين ووضع موانع وعوائق امام بناء وطنية حقيقية وجامعة  لا يمكن في غيابها الا تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم رغم ان ما يجمع اللبنانيين اكبر من كل الشعارات والمصالح الفئوية والحزبية الضيقة والاتجار بالطائفية والمذهبية والمناطقية، وهو ما عبروا عنه في الدورة السابقة للانتخابات عندما لم تصل نسبة المشاركين فيها اكثر من 49  بالمائة من عدد الناخبين وذلك انطلاقا من ان نسبة ال51 بالمائة التي لم تشارك في عمليات الاقتراع مقتنعة بانه لا يمكن فعل المرتجى في ظل ممارسات الطبقة السياسية القائمة على الترغيب والترهيب وفي ظل النظام الطائفي او السياسي القائم على المحاصصة وتقاسم الجبنة وتأمين مستلزمات بقاء الامور على حالها.

ولذلك فان كل الرهانات على تغييرات ستحملها الانتخابات النيابية ومن بينها الرهانات الاميركية والدولية على المجموعات التي تدعمها مالياً، لن توصل الى اي مكان كون الانتخابات في حال حصلت ستكون معلبة وشكلية وحتى صورية الى حد كبير وستكون بمثابة “غب الطلب” للطبقة السياسية . وقد صار مثبتاً ومحسوماً الحديث عن ان ستة او سبعة من الزعماء يتحكمون بمفاصل القرار في كل الدولة ومؤسساتها والحياة السياسية، وان الانتخابات النيابية التي ستؤمن انتخاب 128  نائباً تختصر بما يريده هؤلاء الزعماء لتصبح اي كتلة او تكتل مجرد ارقام سواء كان عدد نوابها عشرة او عشرين او اكثر او اقل.

اما الحديث عن نزاهة الانتخابات فلا ينتهي في ظل الظروف الصعبة والاستثنائية التي تمر بها البلاد. وتاريخ الانتخابات في دوراتها السابقة حافل بشتى انواع المخالفات والارتكابات لتعديل النتائج سواء من خلال عمليات الفرز او استبدال صناديق اقتراع باخرى او من خلال الضغوط التي تمارس على المشرفين على العملية الانتخابية.

وهذا الامر كان يحصل في ظروف سابقة كانت تشهد اوضاعاً طبيعية فكيف يمكن للامر ان يستقيم في ظل هذه الظروف التي يمكن ان تقطع فيها الكهرباء في اي لحظة عند فرز الاصوات مثلاًاو لدى تدوين المحاضر هذا فضلا عما يمكن ان يحصل لدى نقل صناديق الاقتراع الى امكنة الفرز الخ.

وفي غياب نظام المحاسبة والرقابة في لبنان، وفي غياب اي رقابة فعلية للانتخابات فان كل شيء وارد فيها من ارتكابات وتزوير وتلاعب بالنتائج.

واذا كانت الازمة الحالية ارخت بظلالها على الوضع برمته فان من نتائجها هو انه مكنت الطبقة السياسية من التعاطي مع الناخب من منطلق ان استقطابه باتت كلفته اقل من السابق ، بدليل ان ما يحكى عن اقرار البطاقة التموينية لرشوة الناخبين لا يوازي سلسلة الرتب والرواتب التي اقرت في الدورة السابقة كرشوة انتخابية وساهمت في تفاقم الازمة الحالية بسبب غياب الموارد الكفيلة بتغطيتها.

هذا من دون الوقوف طويلا امام اغلاق مناطق كل طرف امام الاطراف المنافسة له، ومن ذلك مثلا ان مرشح التيار الوطني الحر لا يمكنه القيام بتحركه الانتخابي في مناطق سيطرة القوات اللبنانية في بشري والامر نفسه بالنسبة لمرشح القوات في مناطق سيطرة التيار الوطني الحر هذا اضافة الى ما هو قائم في مناطق تواجد وسيطرة ثنائي حركة امل وحزب الله حيث لا يمكن لاي مرشح معارض الترويج لبرنامجه الانتخابي او العمل من اجل كسب الاصوات في تلك المناطق.

وما هو متوقع بالتالي في ضوء كل ما ورد هو ان الانتخابات النيابية في حال حصولها لن تبدل في معادلات الداخل التي يحددها ستة اوسبعة زعماء ، وإن كان هناك فروقات يمكن ان تحصل بالنسبة لعدد اعضاء الكتل بحيث يمكن ان تنقص او تزيدكل منها من دون ان يؤثر ذلك على صلب هذه المعادلة التي مكّنت وتمكن الطبقة السياسية من الاستمرار والبقاء ، في ظل غياب اي قوة معارضة مؤثرة سواء من المجتمع المدني المنقسم على نفسه بمجموعات لا حصر لها واختلاف برامجها وعدم اتفاقها على أجندة عمل واحدة وغياب القيادة القادرة على الاضطلاع بما هو مطلوب منها ولا سيما على مستوى مواجهة الطبقة السياسية وارتكاباتها وفسادها وهدرها للمال العام الذي تسبب بازمة غير مسبوقة في تاريخ لبنان.

وبناء على كل ما ورد فان بقاء الطبقة السياسية واستمرارها ،هو ابرز شروطها لاجراء الانتخابات النيابية. واخر الامثلة على ذلك هو عدم اجراء الانتخابات الفرعية لاختيار عشرة نواب بدل النواب الثمانية المستقيلين والنائبين المتوفين.

 

مجلة الشراع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi