تعرف على مدينتي

سجن الأرامل( الخانكه)

سجن الأرامل( الخانكه)

هنا في الخانكة، ملجأ الأرامل الفقيرات، لا شيء يوحي بالحياة. عزلة المكان، رطوبة الهواء، الرائحة العفنة، الحيطان المهترئة، أقنية المجاري.. كلّها تفاصيل معاناةٍ تتقاسمها نسوةٌ جمعهن القدر بعدما ترملن أو طلقن، وفقدن “الرجل” المعيل.
في أحد الزواريب المنسيّة داخل طرابلس القديمة، تبدأ الحكاية على بُعد أمتارٍ من “قهوة موسى” الشهيرة، وسط منطقة باب الرمل. فمن الطلعة المعروفة بـ”زقاق العوينات”، الحيّ الضيّق الذي يلتفّ صعوداً تحت قبّة جامع “المعلّق”، يبرز مشهد الانفصال عن منظومة الحياة الطبيعية، حيث تعيش عشرات النساء عزلتهن
الطرابلسيون في غالبيتهم، يجهلون هذا المكان المخصص للأرامل مع أولادهن الصغار فقط. لا رجال، لا محال تجارية، ولا دكّان يبيع الخبز والمؤن الضرورية
وتحت القبة المحفور عليها اسم الخانكة– أيّ الخان في اللغة التركية– بابٌ عريضٌ يُفضي إلى الباحة الاسموسط تجمع الخانكة، بئر ماءٍ صغيرٍة تدور حولها الحشرات، تُستعمل لجلي الأواني والغسيل، وتلتف حولها 12 غرفة محجوبة عن أنوار الشمس، بعض أبوابها الخشبية مخلع، وبعضها الآخر أنتُزِعَ من مكانه، بعدما نهشته الرطوبة وبيوت العنكبوت.نتية المظللة بشجرة البرتقال، يجلس على عتبتها عدد من النسوة
لقصّة تعود إلى القرن السادس عشر. ففي العام 1500، جاءت سيدة تُدعى “الصالحة”- كانت ترفض الإفصاح عن اسمها- وأمرت ببناء الخانكة كمكانٍ سريٍّ يلجأ إليه المجاهدون الذين يعبرون طرابلس في ذهابهم وإيابهم خلال الحرب، وأوصت بتحويله إلى ملجأ للأرامل اللواتي ليس لهن معيل.

إلا أنّه ومع مرور الزمن، أقدمت دائرة الأوقاف الإسلامية على شراء هذا المرفق، وأصبح وقفاً خاصاً لها، مع الاستمرار بوصية “الصالحة” على اعتبار أنها “تكليف شرعي” وجب الالتزام به.

وفي هذا الصدد، يشير الشيخ نزيه موسى في حوارٍ مع “المدن”، وهو أحد المكلفين من دائرة الأوقاف الاهتمام بشؤون الخانكة، إلى أنّ هذه الدار تعاني من حرمانٍ كبيرٍ نتيجة تراكم الإهمال فيها منذ سنوات. لكن موسى، الذي يحصر دور دائرة الأوقاف بتوفير مكان الإقامة للأرمال، ووصلهن بجميعاتٍ تقدّم المساعدات بين وقتٍ وآخر، لا ينفي حاجة الخانكة إلى الترميم وإعادة التأهيل، وهي مسؤولية تقع على عاتق الدائرة لأنّها تندرج على لائحة أملاكها الخاصة.

وعن كيفية اختيار الأرمال اللواتي يحصلن على غرفٍ مجانية في الخانكة، يشير موسى إلى أن النساء يتقدمن بطلباتٍ لدى دائرة الأوقاف، وينتظرن شغور إحدى الغرف، على أن يتمّ اختيارهن بناءً على مبدأ “الأكثر حاجة”. يضيف: “مما نأسف له، أن الأمور في الخانكة انقلبت رأساً على عقبت، وتحولت إلى مخبئٍ للتحشيش وممارسة الفواحش، بعدما دخلت عليها بعض النساء اللواتي لا يستحقن المساعدة والبقاء فيها، وربين أولادهن على الرذائل”.

على أن تحميل النساء مسؤولية ما يجري، خصوصاً في الحادثة الأخيرة التي تعرضت لها ربيعة، فيه كثير من الظلم والتغاضي عن تراكمات الأهمال التي أفضت إلى هذه النتائج السيئة. في حين يبقى تفرد دائرة الأوقاف الإسلامية، بالسلطة على الأماكن المخصصة لها، واحداً من مشاكل الخانكة الأساسية، لاسيما أنّه لا يحق لبلدية طرابلس لها التدخل في شؤون ممتلكات الأوقاف، حتّى لو كان الهدف إنمائياً، وفق عضو مجلس بلدية طرابلس جميل جبلاوي.

وفيما تعيش أرامل الخانكة على أمل الشائعات التي تعد بتحسين ظروفهن، يقول توفيق بصبوص، المحامي في دائرة الأوقاف لـ”المدن”، إن مشروع تأهيل الخانكة، “غير مدرجٍ حالياً على لائحة القضايا المستعجلة التي ستسرع الدائرة على إيجاد حلٍ لها، نظراً إلى تراكم الأولويات، على أن يُطرح المشروع لاحقاً”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi