*لماذا نجحت اسرائيل استراتيجيا في الضاحية وفشلت في غزة*/بقلم الأستاذ زياد علوش

مع هول الصدمة التي تلف ضاحية بيروت الجنوبية ولبنان وامتدادات إقليمية ودولية جراء اغتيال امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ب 200 طن من المتفجرات التي قصفتها f35 على الضاحية فإن تريث وارتباك الحزب مرده الى تبليغ الجمهور واختيار الخلف.

رغم ان عمليات الحزب الاسنادية العسكرية والسياسية والاعلامية بقيت بروتينها المعهود كدلالة على ابعاده المؤسساتية رغم الخسارات الكبيرة والمؤلمة مع تأكيد المستوى الأمني للمستوى السياسي في اسرائيل ان التوصل لهدنة في غزة الان يحافظ على الانجازات الاستراتيجية في لبنان والتي اكتفت تل ابيب في غزة بالتكتيكية منها لعجزها عن إعادة الأسرى لدى حماس بالضغط العسكري والنيل من السنوار والضيف ورفاقهما وترسانة الإنفاق التي تفشلها حماس بالعودة السريعة لملئ الفراغات رغم استمرار المخاطر المحيطة بغزة.
هذا الإعلان برأي الأمن الاسرائيلي يمكن من فصل الجبهتين الفلسطينية اللبنانية ويستفرد نتنياهو بالضاحية للضغط من أجل استكمال إنجازاته الاستراتيجية بإعادة مستوطني الشمال وربما إعادة تجربة الحزام الأمني لما بعد الليطاني خدمة لمشروعة الإبراهيمي لكن هذة المرة من البوابة اللبنانية المستعصية

طرحت حرب الاسناد لغزة التي خاضها حزب الله العديد من الاسئلة التي تتدحرج من عدم واقعية الحزب في قراءة المرحلة وعدم استجابته للمبادرات والى حقيقة المواقف الايرانية وتحول سياسة طهران الخارجية بشكل دراماتيكي بدءً من اغتيال سليماني وخلية القنصلية الايرانية في دمشق واغتيال العاروري وهنية مروراً بتصريحات المرشد الخامنئي حول مشروعية التراجعات التكتيكية امام العدو الى توازي مواقف الرئيس “مسعود بزشكيان” في نييورك حول الاخوة الامريكية الايرانية واسترسال طهران في حمل غصن الزيتون مدفوعة بنهج جديد للدولة العميقة بعرابها وزير الخارجية الاسبق جواد ظريف بدوافع تنصيب السيد “مجتبى” خلفاً للمرشد وقد اعتلت صحته بما يفضي لاستقرار ايراني برعاية غربية بثمن مدفوع في كل من بيروت اتضحت مؤشراته في ضاحيتها الجنوبية فيما بغداد وصنعاء تعدان للعشرة وقد سبقتهما دمشق بالتحول التدريجي نحو المسار التطبيعي برعاية روسية وتشجيع تركي.
في الوقت الذي نجحت فيه حماس واخواتها باستخلاص العبر من معاركها وحروبها السابقة مع اسرائيل وتمنعت بانفاقها في وجه اسرائيل نسبياً في المجال الاستخباري البشري والتقني والتكنولوجي باستهداف قياداتها وترساناتها نجحت تل ابيب في الضاحية والجنوب والبقاع في تحديد اهدافها واصطيادها للقيادات والكوادر السياسية والعسكرية والامنية بصورة مفاجئة وقد استخلصت دروس عدوانها في “عناقيد الغضب” العام 2006 عبر لجنة “فينوغراد” واسقطتها في حربها الحالية لا سيما في المجال الاستخباري وقد انكشف حزب الله امامها بفعل تدخله في سوريا والاقليم وانغماسه في المشادات الداخلية اللبنانية.
في محور المقاومة هناك من يجادل في اطروحة جلد الذات وبعدم انتهاء الحرب حتى لو نجحت اسرائيل بإغتيال السيد نصر الله بمفاعيله الرمزية المدمرة للبيئة الحاضنة كما فكرة المقاومة المعاصرة والاسلام السياسي وقياداته من الصف الاول وكذا تمكنها من اغتيال العاروري في الضاحية ومن بعده هنية في طهران وهي قد فعلت مع سلفه السيد عباس الموسوي والشيخ احمد ياسين وغيرهما فخرجت كلا المقاومتين الى قدرة ورحابة اكثر امتداداً وتأثيراً.
العجز الايراني الحالي سواء كان حقيقة او مفتعلاً سيثير المزيد من الاسئلة النقدية في محور المقاومة ويفضي الى خلاصات ربما مختلفة.
يذهب الباحث في الحضارة و الفكر الاسلامي الدكتور بدران بن لحسن للقول : “الدم المسلم مستباح عند عدونا الوجودي، ولكنا مازلنا نعيش معارك تاريخية وشحن ايديولوجي، سرعان ما يذهب بنا جميعا. والدول الوظيفية تستغل الطائفية لمصالح براغماتية بغيضة، ولا يهمها المقاومة ولا فلسطين ولا لبنان إلا بمقدار ما تقدمه من أوراق تفاوض؛ إما للملف النووي وإما للتطبيع، والعار على الدول التي كانت تهدد وترعد بأنها ستمسح الكيان في دقائق، ثم تعرض المقاومة للمتاجرة من أجل أمنها القومي الخاص، أما المقاومة في غزة او لبنان فانه لا يتوقع منها أن تكون بقوة دول، ولكن المتوقع منها الصمود واستمرار المقاومة والتصالح مع محيطها الحاضن لها وفك الارتباط مع المطبعين وكذلك مع رافعي شعارات المقاومة للمتاجرة بها، وتعتمد على الله ثم على نفسها”.