الخدمات الاعلامية

الوجه الآخر لجبران خليل جبران / كتب: عبد الهادي محيسن/ الشراع

الشراع 18 ايلول 2023


كتب الكثير عن نبوغ جبران خليل جبران ونثره وشعره باللغتين العربية والإنكليزية وكذلك عن خياله وصوفيته وفلسفته وفنه ، بحيث لم يُترك زيادة لمستزيد ، إلا أن هناك الوجه الآخر لهذا الفيلسوف العظيم فالكتابة عن المجهول والمبعثر هنا وهناك عن صاحب كتاب ” النبي ” أي عن خصوصياته وعن حميمياته وإبراز شخصيته المجردة من كل قناع كما هو حقيقة ، في قوته وفي ضعفه وفي تفاؤله وتشاؤمه في فرحه وحزنه في طموحه وعقده وفي جميع تناقضاته التي تلقي الأضواء على نفسيته وآثاره المكتوبة والمصورة .

فجبران الذي جعل من يسوع إنسانا ، أولى بنا أن نرده هو الى إنسان بعد أن أصبح أسطورة ، فعند وصول رفات جبران من أميركا الى بيروت في 21 آب 1931 أقيمت له حفلة تأبينية كبرى في مساء نفس اليوم في المسرح الكبير ( التياترو الكبير ) في بيروت حضرها شخصيا رئيس الجمهورية آنذاك شارل دباس .

وتكلم فيها كل من الشاعر خليل مطران وفيلسوف الفريكة أمين الريحاني وبشارة الخوري ( الأخطل الصغير ) وجميل بيهم وميشال زكور والياس أبو شبكة وجرجي نقولا باز ومعروف الرصافي ( عن العراق ) وأحمد زكي أبو شادي ( عن مصر ) وجبران تويني وزير المعارف والفنون الجميلة وسواهم .

ومما قاله جبران تويني في كلمته هذا المقطع بالحرف : كنت في متحف اللوفر بباريس أواخر سنة 1907 أتفرج مع بعض الرفاق ، فطفنا فيما طفنا بأروقة الصور الزيتية لمشاهير الرسامين ، فلفت نظرنا شاب قد انتبذ من الرواق مكانا شرقيا واقتعد كرسيا مطويا وأمامه قطعة قماش ينقل إليها إحدى الصور ، ولعلها الجوكندة ( الموناليزا) فاقتربنا من الشاب وقد استرسل شعره الأسود على كتفيه فرأينا الصورة المنقولة لا تقل إتقانا عن الصورة الأصلية وبعد حديث لا مجال لذكره الآن تعارفنا بجبران خليل جبران .

وحديث التعارف الذي قال جبران تويني ” أن لا مجال الآن لسرده “ تبين بعد أن كُشف عنه مفاده أن جبران تويني بعد أن شاهد نسخة الجيوكندة أمام الفنان أعجب بها ودهش ، فقال لرفيقه بالعربية وهو طبيب لبناني من آل فرح يقطن العاصمة الفرنسية :

شوف هالإبن الكلب كيف جايبها ؟ … عندها أدار الفنان ظهره وقال أيضا بالعربية : ليش عمبتقول عني إبن كلب ؟ بيي آدمي وحياة شرفك ! .. فبغت جبران تويني ورفيقه الطبيب وتعارفا مع الفنان الذي يتكلم لغتهما وكان … جبران خليل جبران ! .

لما توفي جبران خليل جبران قيل وكتب ورسخ في الأذهان على مدى خمسن عاما أنه رفض وهو يحتضر على سرير المرض في مستشفى القديس فنسنت في نيويورك أن يقوم بواجباته الدينية أما الكاهن الماروني الذي زاره .. إلا أن هناك من يقول أن جبران قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ، تقبل الأسرار الإلهية .

وهناك صورة لجبران خليل جبران بالزي الهندي وتعزز اعتقاده في التقمص وتعزز ما أورده الأستاذ ميخائيل نعيمة في كتابه جبران خليل جبران عن ولادة سابقة لجبران فقال : عندما سأل مرة نسيب عريضة جبران أن يزوده بمعلومات عن حياته لينشرها في مجلة ” الفنون ” قال له أنه ولد في بومباي في الهند ، ولكن لا يهمه أن يشيع هذا الخبر بين الناس وأشار جبران الى نسيب أن يضعه بين هلالين ، وهنا يعلق نعيمة فيقول ” أن وضع هذا السر بين هلالين هو أفضل طريقة لشيوعه .. ” وهكذا ظهرت تلك المعلومات في مجلة الفنون : ولد جبران في سنة 1883 في بشري من أعمال لبنان ( ويقال بل في بومباي الهند ) .

كما نُشر رسما بريشة جبران لسلطانة تابت شقيقة الدكتور أيوب تابت رئيس الدولة اللبنانية يعود الى سنة 1908 وقيل أن جبران أحب سلطانة في أثناء وجوده في مدرسة الحكمة ، وكذلك هناك صورة للمصور الفوتوغرافي الشهير في زمانه فريد هولاند داي الذي رعى فن جبران في بوسطن ، وأقام له أول معرض لرسومه في الأستديو الخاص به عام 1904 وأتاح له تعلم اللغة العربية على نفقته في مدرسة الحكمة .. وكان هذا المعرض فاتحة خير على جبران إذ كان صلة الوصل بينه وبين ماري هاسكل التي يدين لها جبران بإنطلاقته على دروب الفن وتحقيق طموحه .

من المؤكد أن فريد هولاند هو الذي أرسل جبران الى لبنان ليتعلم اللغة العربية في مدرسة الحكمة على نفقته وليس كما قال جبران أنها والدته ، فمن أين المال لوالدته ..؟ التي كانت تعمل وشقيقه لأمه بطرس وشقيقتيه مريانا وسلطانة ، في أحوال صعبة وغير مريحة ، وبالكاد كانوا يسدون رمقهم بما يُحصّلون ! ومن أين تستطيع أن تدفع أمه نفقات سفره وأقساط مدرسته وثمن الثياب ؟ علما أن جبران كان يرتدي دوما في المدرسة الملابس الجميلة والأنيقة والغالية الثمن .

كان لجبران  تبجحات كثيرة وإن بدا فيها أنه يسيء الى الهالة التي له اليوم فمن تبجحاته : أن جده لأبيه كان ثريا أرستقراطيا يحتفظ بداره بأسود ، وأن عمه كان جراحا ماهرا وأن بيته في بشري متسع الأرجاء وأثاثه فاخر ويحتوى على مجموعة من القطع الأثرية النادرة ، وأن في بيته كان هناك مربون يعلمون اللغات المختلفة وأن والده كان أحد حاشية الأمبرطور غليوم الألماني في أثناء زيارته الى لبنان .

عبد الهادي محيسن … كاتب وباحث .

مجلة الشراع

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi