الخدمات الاعلامية

جنبلاط الابن جنبلاط الحفيد / الشراع 27 ايار 2023

الشراع 27 ايار 2023

الذين يعرفون كيف كانت علاقة كمال جنبلاط وابنه وليد ، حتى يوم مقتله في 16/3/1977يفاجؤون ايجاباً بالعلاقة التي تربط الآن بين وليد وابنه تيمور
ما كان كمال يهيء ابنه وليد لأي عمل سياسي ، بل كان وليد ساخراً في كثير من الاحيان من سياسة والده ، وكان في هذا اشارة الى ان كمال لم يهتم يوماً بتهيئةُنجله الوحيد ، ولم يرده يوماً ليقوم بالدور الذي صار لوليد ، تاركاً امر توجيهه السياسي والرعائي ..للشاب المهذب ابن محمد علي حماده الصحافي في جريدة النهار مروان
وليد بز والده كمال في حقول عديدة ، وما استطاع ان يؤدي دور القائد والمعلم ، ليس لأن وليد عاجزاً فقط عن ذلك ، بل لأنه واجه حالات ومناخات ووقائع سياسية وامنية قتلت والده ، واضطر وليد الى تجاوزها بقرارات ذاتية ليحفظ رأسه والدروز معه فنجح الى حد مذهل
كمال تجاوز الدروز ولبنان الى محيط عربي عالمي ، ووليد غطس في الموضوع الدرزي حتى النخاع ..
وليد تعامل مع تيمور بعكس  تعامل والده كمال معه … والعبرة هي في تطور تيمور مع مشروع والده لتوريثه
حتى الآن لا يشبه تيمور والده ، وليس له من ثقافة وروحانيات جده الكثير ، وهذه ليست نقائص بل ربما تظهر ان للشاب الذي اقحمه والده العمل السياسي رؤية ومزاج وثقافة مختلفة
كان وليد وما يزال يريد من تيمور ان يلبس قميص الدروز قبل اي شيء آخر ، ويبدو قراره الاخير بالتنازل عن رئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي ، لمصلحة تيمور ايذاناً بأن الشاب بات متمكناً من القيام بهذا الدور … وإلا ما غامر بهذه المسؤولية يلقيها على كتفي ابنه .
بالمقابل فإن وليد جنبلاط بات متفهماً اكثر لحرية حركة تيمور التي ستتميز عن حركته هو .. وهو يلمس ان تيمور حر اكثر ، ومن دون قيود والده وتقلباته ومشاركته فساد الطغمة المافياوية الحاكمة منذ اكثر من ثلاثين سنة
طبعاً سيرث تيمور كل سيئات والده ، في السياسة وفي العلاقات وفي الفساد لكنه لن يكررها بالضرورة ، ولديه فرصة ان يكون هو تيمور الذي لن يلبس جلباب وليد ، او على الاقل لن يلبس كل لبوس ابيه
على اننا يمكن رؤية طريق الابن من الزوايا التالية :
الزاوية الاولى ان وليد ترك لنجله الوريث ، حرية التفكير والتقرير كشاب ليس بالضرورة ان ينفذ تعليمات والده حرفياً
الزاوية الثانية انه ترك له حرية اختيار طاقمه السياسي والحزبي الخاص ، بعد ان دربه على ايدي مخلصين كانوا وما زالوا طوع بنان وليد جنبلاط
الزاوية الثالثة ان وليد لن يفرض على تيمور الولوج في تحالفات غمست بالدم سابقاً ، وهي مغمسة بالفساد حتى اخمص قدميها والكفن حاليًا وغداً .
وفي النهاية
لا شك ان تيمور يدرك ، ان والده لم يقدم على هذا التغيير ،إلا تعبيراً عن ميكانيكية العمل داخل الحزب ، وتهيئة الظروف المناسبة للتوريث وجزء منه
لكن الاهم ان جنبلاط ككل اب استشعر ان من واجبه ان يسلم نجله ميراثه على بياض ، والبياض هنا هو شعور جنبلاط الاب ، بأن هناك متغيرات تفرض عليه الابتعاد في اللحظة التي تفرض عليه توجهات لن يقدر الاب على التجاوب معها ، بسبب ثقل ماضيه وحاضره ، ويمكن للابن ان يقدم من دونها .. والجميع يعلم ان جنبلاط كان يرى سن الستين هو حده الاقصى ليظل حياً ، وها قد تجاوزه بعقد من الزمان واكثر وما زال حياً ..فليستمتع بما تبقى له من عمر وهو يراقب نضوج ابنه الذي سيبني زعامة لحسابه تدين لوالده المربي والموجه والمراقب .. وهذه كلها قيم لم تتح لوليد قبل اغتيال والده المعلم

مجلة الشراع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى