الجريدة الرسمية

الحريري من “التحرر” الى “التنظيم” !!

الحريري من “التحرر” الى “التنظيم” !!

الجريدة – لبنان

تعتبر استقالة الرئيس سعد الحريري من “حكومة التسوية الرئاسية” استجابة لنداء صرخات ثوار 17 تشرين، من أهم المحطات السياسية في حياة الرجل، رغم كل ما قيل ويقال عنها وعن تداعياتها، وعلى الرغم من كل الاخبار والتحليلات التي أتت من بعدها ومفادها انه يريد العودة الى رئاسة الحكومة وانه “عرف مكانه فتدللا”، وان الثنائي الشيعي قدّم له “لبن العصفور” لاعتبارات تعني الثنائي وتشكل له درع حماية…الا ان الرياح جرت عكس ما تشتهيه سفن السعد.

كل هذه السرديات باتت أقرب الى اللغو السياسي، ليس لانها تجانب الصواب، وتضع الحريري في موقع طالب السلطة، (وماذا يفعل السياسي سوى السعي للوصول الى السلطة؟)، انما لانها باتت خارجة عن اطار البحث، والواقع السياسي المستجد الذي فَرض بتسمية الرئيس حسان دياب لتشكيل الحكومة الجديدة.

لكن لماذا تعتبر الاستقالة من اهم المحطات السياسية في مسيرة الحريري ؟
ربما يحلو للبعض اعتبار ترشيح عون لرئاسة الجمهورية او حتى الحوار الثنائي مع حزب الله هما من ابرز المحطات السياسية التي “دشنها” رئيس تيار المستقبل وكان لها أثر كبير على تياره السياسي وعلى الحياة السياسية في لبنان. وهما كذلك الا ان ما جرى في الايام الاخيرة يعتبر أكثر اهمية، لأنه حرر الحريري من كل تلك القيود التي وضع نفسه بها، أو اجبرته الظروف على ان يكون أثيرها، وهذا التحرر أعاد تظهير صورة الحريري كما عرفها الناس لأول مرة بعد تسلمه مهامه السياسية عقب اغتيال والده الشهيد رفيق الحريري.

ولأن هذا التحرر الذي تأخر، سيشكل اما نقطة تحول جوهرية في حياة الحريري السياسية والحزبية، يستعيد معها رصيده الشعبي، او سيكون بداية أكيدة لاسدال الستارة عن فاعلية وحيوية الحريرية السياسية وتحولها الى لاعب متمم ومكمل في السياسة الداخلية، وبالتالي فقدانها لدورها المبادر والطليعي.

الفرصة سانحة اليوم أكثر من أي وقت مضى، لأن يفتح سعد كتاب تياره ودفاتره، ليجدد قناعته بالرؤيا السياسية او ينقدها، ليفكك النظرة الاقتصادية او يثبت دعائمها، والاهم من ذلك، ان يستعيد تنظيمه الذي تهلهل واصابته الهشاشة، وان يؤكد النظرية التي تقول: “التنظيم الحزبي يحفظ لك حضورك السياسي سواء أكنت في السلطة او في المعارضة، فأن تكون في السلطة فهذا يعني ان حزبك يحتاج الى دفاعات قوية، لتتقي هجوم الأخرين، وان تكون في المعارضة فهذا يعني انك تحتاج الى لاعبين استثنائيين في خط الهجوم، يدركون متى وكيف يقتنصون الفرصة للتصويب على السلطة…واذا لم تتوفر في حزبك هذه الأمور فلن تكون لا في السلطة ولا في المعارضة”.

فهل نشهد في الايام القادمة “نيو ستايل” من الحريرية على المستوى السياسي والتنظيمي؟
يعود معها ليصعد الى القطار كل من نزل منه في محطات سابقة أشرنا لها آنفا؟ أم أن القطار سيغوص أكثر في طريقه التي رسمها لنفسه من قبل، وهي الطريق التي تفتقد للبيئة الحاضنة والمؤيدة والداعمة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى