الخدمات الاعلامية

لماذا التطنيش؟ سلوى فاضل (مساحة حرة)/الشراع

الشراع 12 تموز 2023

 

منذ أعوام قليلة، كرّم حزب الله كل من الشيخ حسين كوراني (2019) والسيد جعفر مرتضى (2019) في ذكراهما بكلمتين مطولتين للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بعد أن كان قد نعاهما.

كما نعى قبلهما العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (2009) ببيان نعيّ مقتضب.

وفحوى اعادة الحديث عن الموضوع هو شخص السيد فضل الله نفسه، والذي كان مختلفا جدا عن الشخصيتين الوارد ذكرهما في الأعلى، نظرا لدوره الكبير والبارز في إحياء ما سُميّ بـ”الحالة الإسلامية” في لبنان ولدى الشيعة بعد أن كانوا يتوزعون يسارا ويمينا، على القوميين والحركيين، والبعثيين والإشتراكيين، والاقطاع السياسي. لدرجة أن العديد من المحللين الصحفيين لفتوا النظر إلى أن قاعدة كل حزب هي من الشباب الشيعة.

منذ ستينيات القرن الماضي رعى السيد فضل الله، لدى هذه الطائفة، ونمّى التدّين العصري بعيدا عن التدّين التقليدي- الذي أبعد الشباب اللبناني الشيعي نحو اليسار بكل أنواعه – نظرا لعلاقته التاريخية مع الاقطاع السياسي. وهذه الرعاية الثورية شملت كل الجيل الذي بات اليوم في العقدين السادس والسابع من العمر.

ففي محاضرة للسيد فضل الله في جامع بئر العبد الشهير (الإمام الرضا) عام 1996 وبوجود عدد كبير من الشباب والرجال والنساء، وبتهافت مُلفت لسماع  هذه المحاضرات في مختلف المناسبات الدينية المقدسة لدى الشيعة ،وصلوات الجمعة، تشعر – وأنت تُعيد الاصغاء إليها- كأن السيد حسن نصرالله هوالذي يُلقيّ الخطية الإسبوعية ظهر ذاك اليوم الشتويّ. ربما لأن السيد نصرالله، وهو تلميذ السيد منذ أيام النبعة وبرج حمود، قد أخذ عنه إسلوبه وطريقته في عرض الفكرة وتحليلها وتقديمها للشباب بإسلوب مُحبب عفوي غير تكلفي ،ولا تهويلي على عادة رجال الدين الشيعة.
فالسيد فضل الله في العام 1996 كان في العقد السادس من عمره (61عاما) أي بعمر السيد حسن اليوم، بحيث يبدو السيد حسن اليوم وكأنه إبن السيد فضل الله وليس فقط تلميذه. فأكبر وريث في الفكر والمنطق والإسلوب والمنهج للسيد فضل الله هو السيد حسن.

وأعتقد أنه في كل عام من أعوام ذكراه التي يُحييها  أبناؤه يكون السيد حسن حاضرا بقلبه وعقله أمام الشاشة، في حفل لم يكن له يوما كلمة تكريمية فيه.

وهنا المُفارقة اللافتة

كيف يُكرّم السيد حسن من لم يكن يوما يُشبههم في تفكيره الوحدويّ، والسياسي، والجهادي؟

ولا يكرّم من تتلمذ عليه منطقا ومنهجا. خصوصاً  أنّ ورثته البيولوجيين لم يكونوا بالصورة التي كان عليها السيد محمد حسين رحمه الله.

فالسيد فضل الله العربيّ الهوى والنجفيّ الدراسة يشيّ بأن وريثه الروحي السيد حسن، وريث وَرِثَه في منطقه وقوة إقناعه ومحبة الناس له، و”كاريزماه” التي تُسحر المُستمع. فالسيد فضل الله، و على الرغم من غيابه منذ 13 عاما لم يفقد سيطرته على جمهوره، بل يُجبر هذا الجمهور على الانصات له بكل جوارحه.

وما يلفت المُتابع هو عدم احتفاء قناة المنار (الإسلامية الدينية) أو الصراط (ذات الصبغة الشيعية البحتة) أو أي قناة شيعية أخرى عدا (قناة الإيمان) بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل العلامة الذي أنهض كثير من الشيعة من سبات عقيم، وزرع فيهم مفاهيم لم يكونوا هم بواردها أبدا.

وهم الذين غابوا عن التدّين والالتزام طويلا ولعقود، على الرغم من أنّ السيد المخطوف موسى الصدر كان قد اقتحم ساحة الشيعة اللبنانيين قبله بسنوات، لكن غياب الصدر المُفاجئ وتحوّل أمل إلى حركة سياسية محلية، لم يُظهر مدى تأثير الصدر الديني، الذي يلتقي مع فضل االله في انهاض بعض المسلمين الى تدين ما ، وإن كان الصدر قد اختصّ وصوّب عمله على شيعة لبنان بالتحديد عكس فضل الله صاحب الخطاب الإسلامي العام.

(ولا ننسى ان التطلع الاساس للصدر كان الى ايران وهو الناشط في حركة تحرير ايران التي اسسها د محمد مصدق )

وبالطبع،

كان السيد موسى الصدر الأكثر تقدميّة في نظرته المدنيّة للتشيّع، لكن وبسبب دخوله ساحة تستعد للحرب لا للسلم، كان أن إتفق الأفرقاء بالتعاون والتكافل مع الجارة سورية على إخفائه وبمساندة يسارية غير محلية باتت منذ زمن مكشوفة.

فكان حلول السيد فضل الله في الساحة الشيعية “البُور” هو الحلقة التي اكتملت بها الدائرة الإسلامية والشيعية وانتعشت على مرّ السنين إلى أن صار بجهود فذّة حالة إقليمية ومُرشدا ومرجعا ورقما صعبا.

والسؤال الذي يلّح علّي وعلى المئات من المواطنين:

لماذا استنفذت إيران وحزب الله كل ما لدى السيد محمد حسين من تأسيس وبناء وأعمدة وقواعد وضعها بنفسه، ومن ثم ارتحلت عنه باسلوب صاعق كاد يطيح بحضور الشيعة لولا فتاوى ولي الفقيه المُلزمة لعناصر حزب الله!

كما يسال العديد:

لماذا لم تهتم وسائل إعلام الحزب يوما بذكرى السيد فضل الله -فلم تنقل حتى- الحفل الخالي من السياسة والذي أتى بهذا الإخراج النيئ، نتيجة رغبة من الحزب نفسه، كما نقل بعض الخبثاء الطيبين؟

لا بد من إيراد المثل العربي الذي يقول بما معناه:

“لا ينبتُ قطف الموز إلا إذا قتل أباه”.

السيد علّم وفهّم وكبّر وبنى وأسس ودرّب وحبّب الجميع بالتدّين الذي كان مكروها نتيجة سيطرة اليسار على حياة الشيعة في كل مكان- ويا ليته ظلّ منتشرا- لكن الورثة لم ولن يكبروا إلا إذا قتلوا هذا الأب.

والوالد الراحل المرجع السيد محمد حسين فضل الله هو إبن التيار النهضوي المُنفتح على المذاهب الأخرى، هو تلميذ السيد محسن الأمين بالتواتر، لذا كان مطلوبًا قتل الانفتاح وتشجيع التشدد لمزيد من العصبوية. هذه العصبوية المذهبية التي أنتجت (بنات النبي لا ربائبه) وأنبتت (ضلع الزهراء) وغيرها الكثير من الكتب.

فكان مطلوبًا حينها أن نُبعد هذا الوحدويّ، ونقفل مجلة “المنطلق”، وكلّ ما يمت للانفتاح الديني بصلة، لنُعيد بناء البيت بالباطون المُسلّح.

وجاء الورثة الضعفاء الذين لم يكونوا بصورة الوالد، حيث أن الأولاد لم يقتلوا أباهم حتى الآن.

من هنا سيبقى الوريث خاضعا للحاكم الشيعي الجديد بثنائيته المستترة حينا على الفساد الشيعي، والمؤيدة أحيانا للتصلب الفقهي.

على الرغم من أنّ السيد فضل الله كان قويّا بمسألة مهمة وهي سعيّ الجميع للقائه ووده، ومن كل الجهات والفئات.

وهذا ما عابه عليه بعض الخبثاء، لكنهم اعتبروا وّد ولقاء زعيمهم نصراً له وقوة.

يتميّز الشيعة اللبنانيون بقدرتهم على التفريط بقوة بمصدر تنوّعهم الفكري والثقافي، فهم تعودوا على “الأوحدية” في التزعيم، كما هي بدعة “الأعلميّة” في المرجعية الدينية، في حين أن جميع الفئات والمذاهب اللبنانية تتميّز بالتعدد والتنوع.

والشيعة يفتخرون بـ”الأوحدية” في القيادة، فحتى “الثنائية الشيعية” يعتبرونها واحدا.

يكرهون التعدد ويفضلّون الرأس الواحد، الذي يُفكّر عنهم، كما هو حال وليّ الفقيه الذي يُقرر عن كل المؤسسات الدينية ربما.

وكذلك هو حال الشيعة في العراق لناحية “الأعلمية” لدى السيد السيستاني، ربما لكون ذلك توريثاً دينياً  شيعياً مرّده إمامي إثني عشري.

مجلة الشراع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi