كما كتبنا بالامس ان ابناء السويداء ، اعتمدوا رمزية وطنية لحراكهم المتجدد ضد تسلط وفساد آل الاسد ،باللجوء الى دار الزعيم الوطني سلطان باشا الاطرش .. الذي يعتبره كل السوريين احد زعمائهم التاريخيين ، الذين وضعوا مصلحة سورية فوق كل اعتبار ، على مر العهود ، قبل ان يضع حافظ الاسد مصلحته الشخصية ومصلحة عائلته ، ثم اسرته ثم اولاده فوق مصلحة الوطن …وها هي النتائج الكارثية تترى على بلاد الامويين منذ العام 1963 ، تاريخ انقلاب البعث في 8/3/1963، وتحديداً منذ ان انقلب الاسد الأب على القيادةً التاريخية لحزب البعث وعلى رفيقيه محمد عمران( عام 1966)وصلاح جديد ( عام 1970).
ارتضى اهل السويداء الحياد خلال انتفاضة الشعب السوري ضد آل الاسد منذ العام 2011، لكن الاسد اخوان لم يرضوا ابدا. بالحياد وتمادوا في قهر المحافظة ، وحصارها واطلقوا اجهزتهم الامنية ضد شبابها اعتقالاً وتنكيلاً وتعذيباً وقتلاً … لأن هذا الشباب التزم آراء حكماءًعقلاء الدروز بأن يكتفي اهل السويداء بالدفاع عن مناطقهم ، وهذا لم يقبل به الاسد اخوان ، فسيروا عليهم عصابات داعش واستخباراتهم وقتلوا قادة مشايخ جبل العرب .. وظل اهل الجبل صامدين فحوصروا ومنع عنهم الوقود والحنطة لتجويعهم ، وسعوا محمومين لإثارة اهل الجوار في درعا ضدهم ،كما راحوا يستفزون اهل درعا انفسهم … لكن المصلحة الوطنية غلبت دائما عند الوطنيين السوريين ، فجنبوا المنطقة فتنة طائفية ، كان آل الاسد يدفعون اليها .
الآن ثار اهل السويداء كما كل السوريين احتجاجاً على الاوضاع المعيشية الصعبة ، وركزت استخبارات الاسد اخوان على اهل السويداء عقاباً لهم ، فأل الاسد عملوا منذ عقود على حلف الاقليات لمواجهة اغلبية ألشعب السوري الثائرة ، ورفض الدروز هذا الحلف المذهبي – الطائفي يضرب مشروعهم في الصميم .. لذا سيكون انتقام الاسد كبيراً..
قبل عدة سنوات ثارت السويداء ، فأرسل الاسد مستشارته الدرزية لونا الشبل ووزيراً درزياً من آل الاطرش وارسل لهم ضباطاً دروزا. متقاعدين ، ولم يفلح هؤلاء بإجهاض الانتفاضة الدرزية ، لكنه تنازل لهم بمنع ارسال الجنود والضباط الدروز لقتل ثوار الشعب السوري ، ورضي على مضض ان يبقى هؤلاء في مناطقهم وعين لهم مسؤولين دروزاً في ادارات المحافظة وقيادة فرع البعث ..
ولم يبق امام الاسد اخوان في المواجهة الحالية إلا فتنة درزية – درزية ..لإجهاض التحرك الدرزي الشامل ومع التطورات السياسية والامنية الحالية وتهديد وضع المناطق المجاورة بتسعير الفتنة نحو تفتيت البلاد كلها فإن آل الاسد امام احد امرين ؛
إما التراجع عن عمليات النهب المنظم لموارد الشعب السوري ، وحصر كل امكانات ألدولة بيد الاسرة الحاكمة والتجار السنة الذين يخدمونها
وإما المواجهة القمعية التي تتقنها الاسرة الاسدية لإخضاع المجتمع المدني في السويداء
لكن هناك عقبة اساسية امام التهديدات الاسدية وهي موقف الادارة الروسية في سورية ، الرافض لقمع الدروز الذين يعتبرونهم حلفاء تقليديين كما كان الزعيم الوطني كمال جنبلاط دائما ، وحافظ نجله وليد على هذه الخصوصية ، فضلاً عن التلاحم الدرزي الاكيد مع اهل السويداء من دروز فلسطين ولبنان ( وليد جنبلاط وشعبيته الكاسحة ) ودروز الاردن في منطقة الازرق على الحدود المشتركة بين البلدين .
والبديل الجاهز هو تفتيت سورية رسمياً وهو المشروع الذي وضع آل الاسد لبنته الاساسية وما زالوا يحفرون لتدمير ما تبقى من الوحدة الوطنية السورية ، طالما ظلوا في السلطة
مجلةالشراع
