محطتان ..في القطار اللبناني

*محطتان ..في القطار اللبناني*
*الاولى* ” مرثاة وطن ،وبكائية شعب مقهور”
… لم يَدرْ في خلد الفاتح العربي”طارق بن زياد” وهو يعاين ارض الاندلس الجديدة ان مقولته الحكيمة سيأتي في يوم غفلة مَنْ يعمل بها خطأً قاتلا ،حين قال لجنوده بعد قراءة رواية شبه مؤكدة انه احرق سفنه حتى لا يخايل الخوف ويعتري قلوب عسكره …”البحر وراءكم والعدو امامكم وليس لكم الاّ النصر او الشهادة”، قلّص القائد الفذّ تنوع الخيارات وإختصرها على اثنتين .
بعد قرون من الحدث، وبعد إدمان على إعادة حلقة في مسلسل “ضيعة ضايعة” لمّا ابتكر المهرّب إعتماد مركب ضعيف لسفر اهالي ضيعة “ام الطنافس” ومنعهم من حمل “المكدوس والزيتون والبرغل”حفاظا على أمن المركب من حمولة زائدة، كان مخرج المسلسل رحيما حيث غرق المركب وعاد الأهالي الى اهلهم سالمين، امّا مركب الموت والإغتيال الذي ابحر من شاطئ الفقر الطرابلسي والذي خاطر للوقوع في عرض البحر وهو المنهزم امام موجة الشاطئ الضعيفة كان الركب من فقراء احياء طرابلس وجوارها وهجرة ثانية لبعض السوريين .لم يحمل قارب الإنتحار مؤونة تكفي ولا حليب للأطفال. في المدى المالح العميق إستسلم السطح الخشبي المسمى زورا باخرة نقل ركاب بإرادة تاجر كافر لا يرجو لقاء ربه، مات الطفل الاول جوعا في الفراغ المائي المخيف ،تخلصوا من جثته الصغيرة رميا وطعما لاسماك جائعة ابت شهامتها ان تلتهم الربيع الذي لم يورق بعد واعادته الامواج الامومية الى الشاطئ لتتلقفه ايادي لطيفة من “حفّار القبور ” الأشرف من ” سكّان القصور”. والمشهد المبكي بحرقة اكبر ان جثة الشهيد الصغير دخلت الى المشفى لتوضيبها وتكفينها ضمن “كيس نايلون ابيض”وبحذاء صغير ابيض كان الدليل على هوية الطفل والذي حافظ عليه البحر الابيض المتوسط بين الموت غرقا والموت قهرا. مات الطفل الثاني وهو ابن عم الاول فاختار قبره في العمق الكبير فكان البحر وإتساعه مدفنا للجسد الضئيل.
…في الجاهلية الاولى كان بعض الفجّار يئدون بناتهم خوفا من الجوع والضياع الأخلاقي فنزل بحقهم قرآنا واعداً “..وإذا المؤودة سئلت ،بأي ذنب قتلت “. ويوم العرض الكبير سينشق البحر لمؤود سيبعثُ آمنا ولاعنا من ظلموه، وتنشّق الارض عن مؤود يبعث فرِحاً منتظرا ان يعاقب من جلدوه بالموت…
“تبّت يدا ابي لهب وتب ”
..لعنة الله على جاهلية اولى وجاهلية العن وأدهى “آمنوا يرحمكم الله”.

… *محطة ثانية :*
من اجمل ما سمعت ذلك الخطاب العربي المصري الهاتف” *مش ح نسلّم ،مش ح نبيع مش رح نقبل بالتطبيع”،*
التطبيع شعبيا ممنوع،
والعتب مرفوع
والنضال مشفوع ،
لا للتطبيع ،
لا للتركيع،
..فأعتبروا يا اولي الألباب…

*الإعلامي المستشار احمد درويش*