الخدمات الاعلامية

خاص-“الشراع” /ما بعد انتفاضة القدس مختلف عما كان قبلها: طبخة التسويات على نار حامية/الشراع

مجلة الشراع 17 أيار 2021

  • بايدن ليس ترامب ونتنياهو أخفق في فرض مشروعه الخاص

  • الانتفاضة الفلسطينية الجديدة تسقط الأوهام الإسرائيلية حول انكسار إرادة شعب الجبارين

  • إدارة بايدن لسياسات تسووية في المنطقة تمكنها من التفرغ لمواجهة الصين وروسيا

خاص-“الشراع”

مع احتدام المعارك في محيط غزة اثر المغامرة التي قام بها بنيامين نتنياهو في القدس المحتلة لتعويم نفسه حاضراً ومستقبلاً كزعيم سياسي للكيان الصهيوني ، دخلت المنطقة برمتها وليس فقط الضفة الغربية وغزة مرحلة جديدة ،يعرف الإسرائيليون كيف دخلوها الا ان أحداً في العالم لا يمكن ان يحكم على ما ستؤول اليه.

واذا كان بعض المراقبين يعتقدون بان تعقيدات جديدة دخلت على المشهد العام في المنطقة  بكل ما يترتب على ذلك من انسداد لافاق التسويات في اكثر من ملف وعلى صعيد اكثر من قضية وأزمة، فان واقع ما يجري يشير بوضوح الى ان ثمة تغييرات تحصل على مستوى العلاقات والتحالفات وان ذلك سينعكس على طبيعة المعادلات الجديدة التي ستولد في المرحلة القريبة المقبلة.

وفي ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان همجي بكل ما يشهده من  جرائم ومجازر ومذابح ، نتيجة “سوء التقدير” الذي سقط فيه نتنياهو لإنقاذ مشروعه الشخصي خصوصا وان غرور القوة كان أوهمه بانه قادر على كسر إرادة الشعب الفلسطيني ، فان ما قام به وضع طبخة التسويات لعدد من الملفات الحيوية في المنطقة على نار حامية، بعد ان كانت موضوعة على نار خفيفة وبذل  رئيس وزراء العدو الإسرائيلي وكيانه اقصى الجهود من اجل تحويلها الى طبخات بحص. فاذا بالنتيجة كما بدأ يلوح في الأفق تشير الى ان هناك قوة دفع جديدة أعطيت لتلك الطبخات من اجل عدم المماطلة او المراوغة او إطالة أمد اعدادها.

ومهما قيل في ما جرى ويجري حالياً ، فان ثمة وقائع جديدة لا يمكن لاحد التعامي عنها او تجاوزها. ويمكن من خلالها البناء عليها من اجل تلمس الملامح الأساسية لما يمكن ان يحصل في المدى المنظور وما يمكن ان يستتبع ذلك من خطوات ومستجدات.

وابرز ما يسجل في هذا الاطار هو ما يلي:

-الإشكالية الحاصلة بين الإدارة الأميركية الحالية ومشروع بنيامين نتنياهو الذي خسر بخروج دونالد ترامب من البيت الأبيض أهم أوراقه ، من دون ان يعني ذلك ان أمن الكيان الصهيوني لم يعد في صلب الاستراتيجية الأميركية الدائمة في المنطقة. فهذا الامر كان وسيبقى أساسياً ومحورالاستراتيجية ولكن وفق قواعد وأسس  قوامها عدم تحول السياسات الأميركية في كل المنطقة الى جزء من السياسات الإسرائيلية او سياسات حكام تل ابيب .

وحتى أيام دونالد ترامب ،فان الولايات المتحدة لم تقولب سياساتها بطريقة كاملة وشاملة وفق نظرة إسرائيل وتمنيات نتنياهو بحرب مفتوحة يخوضها الاميركيون ضد ايران على سبيل المثال لا الحصر ، وان كانت واشنطن في ظل إدارة الرئيس السابق رفعت نسبة المواجهة مع طهران الى مستويات قياسية كادت تؤدي الى حرب واسعة لولا تدخل الدولة العميقة في الولايات المتحدة لفرملة ذلك.

ومع جو بايدن، فان ما كان يحصل أيام الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الذي اقر الاتفاق النووي مع ايران في ولايته ، يتكرر اليوم مع الرئيس الحالي جو بايدن انما مع تراكم في العداء الشخصي بينه وبين كبار المسؤولين في ادراته وبين بنيامين نتنياهو الذي تعاطى ويتعاطى مع واشنطن وكأنها مجبرة على مسخ سياساتها لتكون على قياس مشروعه السياسي الخاص والشخصي ، على حد تعبير سفير لبناني سابق في الولايات المتحدة.

وما يبدو واضحاً حتى الان هو ان واشنطن مع جو بايدن تعمل على أولويات مختلفة تتعلق بالعالم باسره ولا تقتصر على المنطقة وحدها. وعماد هذه الأولويات هو التفرغ لمواجهة المارد الصيني الصاعد في منافستها على زعامة العالم ،فضلاً عن إعادة “النظام البوتيني المافيوي” في روسيا وفق التسمية الأميركية المستحدثة الى ما تعتبر واشنطن انه حجمه الطبيعي أي تقليص دوره في اكثر من قارة في العالم.

وبالطبع فان واشنطن ليست ضد إسرائيل ولن تكون كذلك، الا ان ما تقوم إدارة بايدن به حالياً هو الحؤول دون تمكين بنيامين نتنياهو من إعادة خلط أولوياتها عبر فرض أجندته الخاصة به عليها ،سواء في الداخل الاسرئيلي او في سورية او في العراق ودول أخرى ،وفي قضايا وملفات ساخنة على رأسها الملف النووي الإيراني.

-سقوط كل الأوهام الإسرائيلية التي تراكمت عبر اكثر من عقد على انه لم يعد لارادة الشعب الفلسطيني الوزن نفسه الذي كان لها قبل ذلك، بسبب النكسات والهزائم والمجازر التي تعرض لها. وسقوط كل الأوهام على ان الأجيال الفلسطينية الشابة والجديدة ليس لها الموقف نفسه الذي طبع مواقف الأجيال السابقة وانها تتعامل مع الطغيان الصهيوني بمنطق الخنوع والخضوع والاستسلام ، وما يؤكد ذلك وقبل الحديث عما قام به مقاومو غزة من وضع الكيان الإسرائيلي كله امام تحديات غير مسبوقة تمس مصيره كما ورد في عدد من تعليقات ومقالات كبار الكتاب والصحافيين الإسرائيليين ، هو الانتفاضة الحية لابناء الشعب الفلسطيني رداً على إجراءات التهويد والمصادرة والالغاء والترانسفير المقنع في القدس وحي الشيخ الجراح قبل ذلك رغم القمع الشديد  وإجراءات الترهيب والتهديد التي اتبعت من قبل إسرائيل . ويكفي للإشارة الى ذلك التوقف امام مشهد المصلين يوم العيد في المسجد الأقصى والذي ضم اكثر من مائة الف فلسطيني تحدوا الاحتلال وتدابيره واجراءاته القمعية، هذا بالإضافة الى ان هذه الانتفاضة الحية والنابضة والخلاقة أوقفت مسيرة اليهود المتطرفين التي كان يراد منها السيطرة على أولى القبلتين و ثاني الحرمين الشريفين والسيطرة بعد ذلك على كنيسة القيامة ، وهي المسيرة التي أراد منها نتنياهو تعويم نفسه من خلالها عبر استثارة العصبيات الصهيونية المتطرفة  والدفع باتجاه انتخابات عامة هي الخامسة في اقل من عامين يفوز فيها بفارق كبير يمكنه من البقاء في سدة رئاسة الحكومة بعد ان تعذر عليه ذلك كما يبدو بعد الانتخابات الأخيرة واخفاقه حتى الان في تشكيل حكومة ائتلافية تجنبه الذهاب الى المحاكمة والادانة بتهم الفساد المثبتة ضده.

وحسب السفير اللبناني السابق في واشنطن فان الموقف الأميركي حالياً يتجاوز  ما هو معلن بالنسبة للدعوة الى التهدئة وعدم التصعيد، وثمة كلام أميركي لم يسبق للاسرائيليين ان سمعوه في تاريخ علاقتهم مع الولايات المتحدة وهو كلام يحمل نتنياهو مسؤولية ما آلت اليه الأمور عبر  العمل على  محاولة تعطيل ما تقوم به واشنطن في اكثر من ملف وقضية وأزمة في المنطقة .

وحسب السفير نفسه فان إدارة بايدن كانت بدأت خطة تجسدت بوقف التدخلات العسكرية في المنطقة والانسحاب العسكري من اكثر من دولة ، واطلاق مسيرة التسويات لازمات عدد من الدول إضافة الى العودة الى الاتفاق النووي مع ايران.

ومعنى ذلك ان أي حرب إسرائيلية جديدة لا يمكن ان تحظى في ظل الأوضاع الحالية بضوء اخضر أميركي ، وهو الشرط الأساسي الذي كان يضعه مؤسس الكيان الصهيوني دافيد بن غوريون لشن أي حرب ضد الدول العربية ، مع الإشارة في هذا المجال الى ان كل زيارات الوفود العسكرية والأمنية الإسرائيلية الى العاصمة الأميركية من اجل التحريض على وقف مفاوضات فيينا لم تنفع قبل ان يعمد نتنياهو الى التصعيد في القدس .

وهذا يعني انه ليس امام نتنياهو وحتى اشعار اخر سوى وقف التصعيد، واقتصار ما قد يقوم به في قطاع غزة وغيره على محاولة حفظ الوجه

عسكرياً ، بانتظار تبدل الظروف وتغيرها، الا اذا حدث ما ليس بالحسبان وبشكل مغاير لكل المعطيات والتوقعات والمقاربات القائمة وتخلت إدارة بايدن عن سياساتها المعلنة وغير المعلنة وهي سياسات تهدف الى تمكينها من البقاء في قمة الزعامة الاوحدية للعالم.

وبكل الأحوال ،فان ما يمكن قوله على هذا الصعيد يتجاوز المبالغات الرائجة في بعض التواصل الاجتماعي عن بدء مرحلة زوال الكيان الصهيوني بفعل صمود المقاومة وانتفاضة الشعب الفلسطيني ، الا انه يشير بوضوح الى  بدء انتهاء المرحلة الذهبية التي عاشها الكيان الصهيوني منذ غزو بغداد في العام 2003 وحتى اليوم مروراً باستهداف الجيوش العربية وفرط عدد منها لاسيما في سورية والعراق ووصولاً الى ما سمي ثورة الربيع العربي وما نتج عنها عربياً من دون اغفال  صفقة القرن التي طرحها دونالد ترامب ولم يستطع مع صهره غيرهارد كوشنير تمريرها على حساب حل الدولتين المطروح من قبل إدارة بايدن.

من هنا فان الأولويات الان كما يقول السفير اللبناني السابق تتركز على تسريع الخطى باتجاه الوصول الى تسويات للملفات العالقة في المنطقة إيذانا ببدء مرحلة جديدة وبما يصب في خدمة الأهداف الأميركية وليس في خدمة مشروع ترؤس نتنياهو من جديد لحكومة العدو الاسرائيلي.

فهل يكون لادارة بايدن ما تريده ام تكون الكلمة الفصل لبنيامين نتنياهو والمتضررين من خطتها في هذا المعسكر او ذاك وفي هذا المحور او ذلك وهم كثر وعلى ضفتي كل منهما ؟.

وهل تنضج طبخة التسويات بعد ان باتت حالياً على نار حامية، ام ان هذه النار ستؤدي الى احراقها في الأمد المنظور على الأقل؟

هذا ما ستشهد المنطقة الإجابة عليه خلال الفترة القريبة المقبلة. والأكيد حتى الآن هو ان ما بعد انتفاضة القدس سيكون مختلفاً عما كان قبلها.

مجلة الشراع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi