اخبار لبنان

رامي علّيق: يحقق مع الشهود والمتهمين أيضاً

بينما كانت النّائب العام الاستئنافي في جبل لُبنان القاضية غادة عون تتقمّص من على إحدى شُرفات شركة مكتّف للصيرفة دَورَ الزّعيم الليبي معمّر القذافي الذي وقفَ مُلوّحاً للعشرات من مناصريه من قصره عشيّة هروبه من العاصمة طرابلس الغرب، كان عضيدها المُحامي رامي علّيق، الذي أوصلها إلى مكتب مكتّف بسيّارته الخاصّة، يُسجّل مقطع فيديو يشرح ما يعتبره أسباب وجود “الرّيسة غادة” في مبنى ميشال مكتّف في عوكر.

فمن هو رامي علّيق الذي بات النّاطق شبه الرّسمي باسم القاضية غادة عون؟

“أساس” حاول التّواصل مع علّيق، إلّا أنّه اعتذر عن الحديث بحجّة انشغاله وأحالنا إلى شخص مُقرّبٍ منه دون أن يسأل ما هو الموضوع في الأصل.

هذا المُحامي والنّاشط والكاتب والمُؤلّف والدكتور في الأغذية، والمتخصّص في تربية النّحل، يذكره اللبنانيّون في 4 وقائع تطرح علامات استفهام حول الشّخصيّة التي انتقلَت من دكّة الاحتياط إلى الصفّ الأمامي، بعد استهلاك اسم عضو المكتب السّياسي في “التّيار الوطنيّ الحرّ” المُحامي وديع عقل، كمُقدِّم للإخبَارات القضائيّة في القضايا التي يطمح العونيّون إلى ابتزاز خصومهم فيها.

الأولى: سمعنا به للمرّة الأولى يومَ مرّ إلى جانب تجمّع طُلّابيّ لحزب الله في الجامعة الأميركيّة عام 1992، فتخيّل أنّه صارَ من أركان الوحدة 900، ثمّ استقال من مهمّة الوقوف مع طُلّاب الحزب عام 1996. هذه التّجربة الطّويلة والعريقة دفعته ليسرُدَ عُصارتها في كتابٍ يُدرك قارئهُ من ركاكته أنّه كتب بسرعة فائضة وسمّاه “طريق النّحل”. ورامي لمن يعرفونه قال في الكتاب وخارجه إنّه كان مسؤول الطلاب في الحزب، وإنّه قابل أرفع المسؤولين الإيرانيين وإنّ مؤامرة إيرانية أخرجته من حزب الله. وبعض من عاشروه يقولون إنّ سلوكه يظهر أنّه يعاني من جنون العظمة، في طريقة كلامه عن كيف قابل “الخامنئي” وكيف أنّ مؤامرة من مسؤولين كبار في حزب الله أخرته من التنظيم.

الثّانية: لجوؤه إلى ابتزاز إحدى شركات المُقاولات عبر مروحة ادعاءات تتعلّق بملف النّفايات، منها ما هو جزائيّ، وبعضها أمام المُدّعي العام المالي. وأسفرَت هذه العمليّة عن توقيع تجمّع “مُتّحدون”، الذي يرأسه علّيق، وشركة المُقاولات مُذكّرة تفاهمٍ فوقَ الطّاولة، بينما حصَل تحتها على مبلغ بعشرات آلاف الدّولارات كمُحصّلة لابتزازاته. وفي شهر تشرين الأوّل 2020 عادَ علّيق يبتزّ الشّركة بعدما استساغَ نتيجة “مُذكّرة التفاهم الأولى”. وهو يجاهر بأنّه حصل على هذه الأموال لجمعيته.

تجدُر الإشارة إلى أنّ “مُتّحدون” هو “تحالف مؤلّف من محامين متخصّصين في مكافحة الفساد، يعاونهم أفراد ناشطون وإعلاميون من المجتمع المدني”، كما يعرّف عن نفسه على موقعه الإلكتروني الذي لم يوضِح إن كان التّحالف مُسجّلاً ضمن قوائم وزارة الدّاخليّة بموجب علمٍ وخبر أم لا.

دُخول قصر بعبدا لا يُشبه الخروج منه إطلاقاً. إذ تكرّرت زيارة المُحامي علّيق إلى غرفه، ولقاءاته مع مسؤولين عونيين شجّعوا “حماسته” لـ”مُحاربة الفساد”. لكن على الطريقة التي يُحبّون. وفُتِحَت له أبواب القصر، وصارَ من الضّيوف الدّائمين على جدول لقاءات فخامة الرّئيس، مثل ماريو عون وحكمَت ديب وبقيّة أعضاء “تكتّل لبنان القوّي”، الذين لا يزور قصر بعبدا أحدٌ غيرهم. وهناك، نالَ علّيق الضّوءَ الأخضَر ليدخُل “وديعةً” مكانَ “وديع” في مكتب غادة عون.

 

يشارك في التحقيقات؟

جلوس المحامي علّيق في مكتَب القاضية غادة عون، سمَحَ له أن يبدأ بتعلّم زواريب القضاء اللبناني، إلّا أنّه أساءَ فهمه. فهم من جلوسهِ في مكتب مدّعي عام جبل لُبنان أنّه صارَ موكلاً بمهمّاتها، فهو يوجّه الأسئلة إلى الشّهود والمُدّعى عليهم، بحسب ما نقل بعضهم لـ”أساس”، في وجود القاضية عون، من دون أن تعترِض، وفي بعض الأحيان يُحاول أن يُملي ما تنبغي كتابته في المحاضِر.

الثّالثة: استغلاله لأموال الحملة الانتخابيّة للائحة “شبعنا حكي” التي ترشّح في صفوفها عن دائرة الجنوب الثّالثة في انتخابات 2018 النيابية لِمَصلحة دعم مشروعه الخاصّ، الذي هو عبارة عن شركة تعمل على إنتاج العسل وبيعه، عبر صرفِهِ شيكّات لأشخاص قال لزملائه إنّهم يعملون معه في الحملة، ثمَّ عمل على تجييرها لنفسه لاحقاً. وقد اتهمه زملاؤه في اللائحة حينها بأنّه “سرق الأموال”، كما اتّهم لاحقاً بأنّه نفّذ مخططاً لحزب الله بتفريق اللائحة وشرذمتها، وذلك في سياق اتّهامه بأنّه لا يزال عضواً سريًاً في حزب الله، ويدّعي معارضته.

الرّابعة : هي التي كانَت بوّابة العبور نحو مَكتَب غادة عون، وذلك ثاني أيّام ثورة 17 تشرين. يومَ قرّر الشُبّان المنتفضون في الشّارع التوجّه نحو طريق قصر بعبدا، حيثُ وقعَت مشادّات بين العناصر الأمنيّة والمُتظاهرين، فخرَج علّيق من وسطِ الجموع متطوّعاً للدّخول إلى “بيت الشّعب” لمُقابلة “بيّ الكلّ” الرّئيس ميشال عون. لم يتأخّر علّيق يومها عن انتقاء “الوفد” المُكوّن من 5 أشخاص ليُحاول ركوب انتفاضة يقوم بها مئات آلاف الأشخاص في طرقات لبنان. يومئذ 99% منهم لم يعلموا بوجود علّيق على كوكب الأرض، بينما الـ1% الباقون رُبّما سمعوا نكتةً أُطلِقَت عن “ثورة 10 تشرين 2013”. وهي ثورة خاصّة به أطلقها ولم يحضرها أحد غيره في ذلك اليوم وسخر منها الإعلاميون في حينه.

إقرأ أيضاً: يوميات غادة عون: هيبة القضاء.. بين يدي بركان سعد

ومنذ دخولِهِ مكتب النّائب العام الاستئنافي في جبل لبنان، صار علّيق حاملاً لواء “التدقيق الجنائي على الطريقة البرتقاليّة”، وناطقاً باسم القاضية غادة عون، حتّى إنّه صارَ يكشِف عمّا ستتّخذه من قرارات في بعض القضايا. وصرنا نُدركُ، عندما نُشاهده أو نسمعه، أنّ المُهنّد خرج من غمده، وأنّ بعضَ الرّؤوس قد أينعَت وحان قطافها، وأنّ رامي لَمُطيّرُها.

ما يثير الرّيبة حقاً في ما وصلَ إليه لبنان، هو توجّه علّيق وفرقته “مُتّحدون” كضابطة عدليّة إلى مكاتب شركة ميشال مكتّف، فيما ليست للقاضية عون نفسها صفة قانونيّة تسمح لها بذلك، فما بالنا بـ”رامي علّيق والفرقة”؟

الخُلاصة أنّ الحابل اختلطَ بالنّابل. فبينما بدأ علّيق مسيرة “كفاحه” في “ثورةٍ” أدبيّة كتابيّة ركيكة ضدّ حزب الله، صارَ اليوم أشدّ حليفٍ لحليف الحزبِ، والسّاعة بـ”5 جنيه والحسّابة بتحسِب”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى