مساهمة من الدكتور باس عساف
لمبة البنزين لما تولع احمر
يروي د. إبراهيم الفقي (رحمه الله) قصة حصلت له فيقول :-
كنت مسافراً بسيارتي إلى العين السخنة ، و معي أسرتي.
كانت الساعة قد تجاوزت الثانية بعد منتصف الليل …
و قبل انطلاقي ، وضعت في بالي
أن أنتبه على (ضوء مؤشر البنزين)
لأن المؤشر كان يؤشر على قرب انتهاء الخزان .
توجهت لشراء بعض اللوازم ، و بعدها انطلقتُ ،
و نسيت أمر البنزين !!
تذكرت أن الخزان سيفرغ من البنزين و أنا في الطريق . . .
وما هي إلا فترة قصيرة ، حتى أضاء مؤشر البزين ، معلناً أن وقودي سينفذ نهائيا بعد فترة …
لم أقلق في البداية ،
ظناً مني أنني سأجد الكثير من محطات الوقود في الطريق ،
و لكن ، و مع مرور الوقت و الظلام الحالك ، و الطريق الموحش ،
بدأ القلق يتسرب ،،،
اتصلتُ بصديق مستعلماً منه عن أول محطة بنزين ، فأنبأني بأنها بعد مسافة طويلة جدا ،،،
تحول القلق إلى رعب . . .
و تراجعت كل الاهتمامات و المشاغل و المشاكل . . .
و انحصرت الآمال و الأحلام و الهموم كلها ، في أمر واحد فقط ؛ و هو :
……. محطة الوقود …….
و لم أعد أتمنى من الدنيا ، إلا محطة وقود ،
إذ تضاءلت و تصاغرت كل المشاكل التي كانت تشغلني منذ دقائق . . .
لاح لي ضوء من بعيد ، فدب في قلبي أملٌ واهنٌ و فرحٌ مُعلق ،
اقتربتُ من الضوء ، لم تكن محطة وقود ، بل استراحة فقيرة جدا ،،،
شعرت بالإحباط . . .
و سألت الرجل عن أقرب محطة وقود ؛
كياني كله تعلّق بفم ذلك الرجل في انتظار إجابة .
قال الرجل : [ المحطة بعد مسافة 3 كيلومتر ]
كدتُ احتضنه . . . لكني خشيت أن تكون إجابتة غير دقيقة ، أو أن محطة الوقود ليس بها وقود الليلة ،،،
انطلقتُ بعدها مكملاً طريقي ، و عيناي لا تفارق (ضوء مؤشر البنزين) .
و مرت الثواني كالدهر …
و أخيرا . . . لمحت من بعيد محطة الوقود .
و حين وصلت ، لم يكن هناك أحد . و جعلت أبحث عمن أكلمه
ظهر رجلٌ أخيراً ، فسألته متلهّفاً : [عندك بنزين] ؟؟
قال لي :………… [[ نعم ]]
كانت أجمل (نعم ) سمعتها في حياتي ،
سجدت لله فورا .
بعدها انطلقتُ لاستكمال الرحلة ، و أنا أشعر أني قد كُتب لي عمرٌ جديد . . .
يكمل د. إبراهيم الفقي ، (رحمه الله) ، فيقول :
جاء في بالي معنى ، يأتيني كل رمضان ،
فرمضان أصلاً هو محطة وقود . . . يتزود منها أحدنا لباقي العام ،،،
كيف نضيعه ؟
كيف تجازف بالموت عطشا ؟…
كيف نمر بمحطة الوقود الوحيدة ، فلا نتزود ؟
و قد يكون رمضان هذا هو الأخير في حياة أحدنا !!!!
أي أنه آخر محطة للتزود بالوقود ، قبل القدوم على الله !!!
آخر محطة للتوبة و الاستقامة ، و رد المظالم ، و بر الوالدين و صلة الرحم ، و العودة للقرآن …
يقول الله تعالى في سورة الذاريات :
{ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ… }
اللهم اجعلنا من المتزوّدين في محطة رمضان هذا …
و لا تجعلنا من الساهين …
و لا تجعلنا من المقصرين …
و لا تجعلنا من الغافلين …
و لا تجعلنا من المحرومين …
اللهم آمين
🌹أسعد الله أوقاتكم 🌹