مقالات

(لعلكم تتقون ) حق رمضان علينا/بقلم سماحة الشيخ مظهر الحموي

( لعلكم تتقون )
حق رمضان علينا
الشيخ مظهر الحموي
لماذا أفتتحت آيات الصيام بقول الله تعالى (لعلكم تتقون) ، وأختتمت بقوله عز وجل (لعلهم يتقون)
لأن رمضان هو شهر التقوى، والتقوى ثمرة العبادة ، وهي تعبير عن الصدق في الإيمان ، والعمق في الإدراك ، والإستقامة في الإلتزام ، وهي من أهم مقاصد الدين في يقين ثابت ، وفي وعي راشد ، وفي سلوك قويم ، ومتى اكتملت هذه الأركان في نفس المؤمن فقد حاز الإيمان من أطرافه ، واستجمع الإخلاص بكل نقائه، وأصبح على نور من ربه ، فليس الدين حركة خارجية لا تقوم على بعد داخلي ، وليس التدين أداءً شكلياً لا يستند الى طهر قلبي ، وليس الإسلام عنواناً ظاهرياً لا يرتبط بمضمون إيماني.
ورمضان ليس كسائر الشهور ، وفريضة الصيام ليست كسائر الفرائض ، وهو شهر الرحمة والقرآن والتقوى.
فهنيئا لمن صام وقام وأحسن لله الصيام والقيام .
وكما أن لكل عبادة حقها من الإتقان وكمال الأداء ، فإن للصوم حقه المأمول من تمام الواجب حتى يكون صومنا مقبولا عند الله تعالى.

حق رمضان ليس فقط الإمتناع عن الطعام والشراب ، وإنما أيضا مضاعفة العبادات والإنخراط في شهر التطهر والغسيل من الأدران، وتزويد النفس بعبق الإيمان ، ومقومات العزيمة ، ومضادات الوهن .

حق رمضان علينا أن نؤدي عباداتنا في أوقاتها ، وأن نخلص في أدائها ، وأن نفرد وقتا لتلاوة القرآن وحفظه ، ونحمل أهل بيتنا على الإقتداء بنا، وبإعتماد الكتب الدينية التي تتحدث عن شمائل الرسول ﷺ الكريمة وصحابته الكرام.

حق رمضان علينا أن نشد المئزر وننسلخ عما يلهينا عن مقاصد الصيام والقيام ، وليالي التهجد والدعاء والتبتل.

ليس رمضان شهر القيلولة والإستكانة والإسترخاء ، وقد كان من سبقونا يخوضون أشرس المعارك والغزوات في رمضان وفي عز القيظ لا يتذمرون ولا يتأففون .

ومن ثمرات رمضان أنه مدرسة لتقويم الأخلاق وإمتحانها ، ولا سيما كما قال عليه الصلاة والسلام : ( إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ..) وهذا اكبر دليل على أهمية إكتساب الأخلاق الرمضانية مثل الحلم والصبر ورباطة الجأش والعفو والتسامح وطول الأناة .

وحق رمضان علينا أن ننظر لمن هم أدنى منا في سعة الرزق ، نتابع أحوالهم ونترصد حوائجهم ونستجيب لمتطلباتهم ، فقد كان حبيب الله وحبيبكم محمد ﷺ أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان..

حق رمضان علينا ألا نكثر من المباحات وأصناف المرح ومتابعة أنواع التسالي ، فلهذا الشهر مهمة نؤديها في رحابه حتى نستحق مرضاة ربنا عز وجل سائلينه أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن لا يكون صومنا هو صوم البطن والفرج فقط بل مع صوم الجوارح عما نهى الله عنه فلا ننظر الى ماحرم الله ، ولا نسمع غيبة ولا نميمة، ولا نمشي إلا إلى عمل الخير ، ولا نتلفظ بفاحش الكلام وقول الزور والعمل به فقد قال رسول الله ﷺ من لم يدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ بِهِ ، فليسَ للَّهِ حاجةٌ بأن يدَعَ طعامَهُ وشرابَهُ .
كم نحن بحاجة في رمضان الى صوم الفكر عن غير الله ،  وهو ما ينبغي أن نحاول التدرب عليه ، حتى نرتقي في سلم العبادة والتقى في شهر العفو والمغفرة .
تقبل الله طاعاتكم وكل رمضان وأنتم الى الله أقرب
*اخوكم الشيخ مظهر الحموي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى