سياسة الإستبغال/الشراع 29 كانون اول 2022

الشراع 29 كانون اول 2022

يحكى ان سفينة كانت تقل بغالا من منطقة لاخرى ،وطال السفر وكان يتم إخبار المسؤول عن إطعام البغال بواسطة “بوق” على السفينة ،وعندما يسمع مسؤول إطعام البغال صوت البوق يبدأ بفرش العلف للبغال ,لم يكن مسؤول العلف هو الوحيد الذي فهم متى الإطعام ،وإنما فهمت البغال أنه بعد صوت البوق سيأتي الطعام ( نظرية بافلوف والكلاب )
وهكذا استمرت السفينة تبحر ،والبوق يصدح كل يوم مرتين :أن وقت إطعام البغال قد حان .
تأخرت السفينة في طريقها ،ولأن العلف قليل ومحسوب على مدة سفر تلك السفينة ،أدى ذلك لشح في العلف للبغال فتم تخفيف علف البغال لمرة واحدة في اليوم ,حينها بدأت البغال تجوع ، وبدأت تخبط بحوافرها أرض السفينة ،وازداد غضب البغال وازداد هياجها ونهيقها.. فما كان من المسؤولين عن السفينة إلا الإجتماع لتدارك هذه الكارثة حتى لا تُحدث البغال كسراًفي السفينة تؤدي لغرقها .
هنا خطرت لأحد أفراد الطاقم فكرة,وهي “عندما تهيج البغال يقوم مسؤول البوق بإطلاق صوت البوق” ، فتحسب البغال أن الطعام على وشك القدوم فتهدأ …
وهذا ما كان .
كلما هاجت البغال يُطلق صوت البوق فتهدأ البغال ، واستمرت الرحلة على هذا المنوال .. هياج للبغال .. صوت بوق .. هدوء للبغال حتى وصلت البغال للمكان المقصود ،وانتهت الرحلة بسلام ..

هذه الخطة بعد نجاحها الساحق على البغال ،تم تطبيقها على الشعوب المقهورة ( الغفيرة والغفورة).. فعندما تعاني  الشعوب من تدني في الخدمات .. ومن فساد .. ومن سرقات .. أجور لاتكفي قوت يومها ..مال عام ينهب ويوزع على النافذين .. أوهام غير حقيقية .. تأجيل وتأجيل لكل شيء …تبدأ حينها تلك الشعوب بالغضب والهجيان والصراخ .. حينها تأتي الأوامر  للأبواق .

فتبدأ الأبواق تنطلق عبر شعارات ووعود واهية،على سبيل المثال :
ان المستقبل زاهر ،والأفق مشرق،
البلد من أغنى البلاد ….ثمة أموال ستأتي، ثمة حلول يتم الإعداد لها ،وخطط لتعافي الاقتصاد  …وهذه اضغاث احلام وستمضي الأيام والسنوات والوضع من سيء الى أسوأ .. ولا يتم إلقاء سوى الفتات الفتات …والفتات يقل ويقل وكلما يحس الناس بالظلم والقهر والفقر يأتيها الحل من(الأبواق)

وهذا ينطبق على الشعب اللبناني ،فقد تمت سرقة المال العام ،وايضا الودائع وحولت لجيوب النافذين ،وامراء المذاهب وامراء الحرب ومن فترة الى اخرى نسمع صوت الابواق عبر خطابات رنانة ،ووعود واهية من طبقة سياسية امتهنت الدجل والنفاق ،واما عبر تعاميم مخالفة للقانون والدستور لكي يتم تخدير الناس بهذه التعاميم وتطبق سياسة الاستبغال في لبنان بحذافيرها والشعب مخدر يهوج ويعود للهدوء ريثما يسمع خطاب الزعيم ووعوده.

لكن لا بد من ان نلحظ امرا مهما ،وهو ان رحلة البغال وصلت الى مكانها المقصود، لكن الشعب اللبناني الى اين سيصل بعد كل هذا الانهيار والدمار ؟

مجلة الشراع